فصل: (باب الخاء والظاء وما يثلثهما)

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: معجم مقاييس اللغة ***


‏(‏باب الخاء والزاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏خزع‏)‏

الخاء والزاء والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على القَطْع والانقِطاع‏.‏ يقال تَخَزَّعَ فلانٌ عن أصحابه، إذا تخلّف عنهم في السَّير؛ ولذلك سمِّيت خُزاعةُ؛ لأنهم تخزَّعوا عن أصحابهم وأقاموا بمكَّة‏.‏ وهو قول القائل‏:‏

فلما هبَطْنا بطْنَ مَرٍّ تخزّعت *** خُزاعَةُ عَنَّا بالحلول الكَراكِر

ويقال تخزّعْنا الشَيءَ بيننا، أي اقتسمناه قِطَعا‏.‏ والخَوْزعة‏:‏ رَمْلة تنقطع من مُعْظم الرِّمال‏.‏

‏(‏خزف‏)‏

الخاء والزاء والفاء ليس بشيءٍ‏.‏ فالخَزَفُ هذا المعروفُ، ولسنا ندري أعربيٌّ هو أمْ لا‏.‏ قال ابنُ دريد‏:‏ الخَزْف الخَطْر باليَد عند المشْي‏.‏ وهذا من أعاجيب أبي بَكر‏.‏

‏(‏خزق‏)‏

الخاء والزاء والقاف أصلٌ، وهو يدلُّ على نَفاذِ الشَّيء المرمِيّ به أو ارتزازِه‏.‏ فالخازِق من السِّهام المُقَرْطِس، وهو الذي يرتَزّ في قِرطاسه‏.‏ وخَزَق الطّائر‏:‏ ذَرَق‏.‏ والخَزْق‏:‏ الطَّعْن‏.‏ والقياس واحد‏.‏

‏(‏خزل‏)‏

الخاء والزاء واللام* أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الانقطاع والضَّعف‏.‏ يقال خَزَلْتُ الشيءَ‏:‏ قطعتُه‏.‏ وانخَزَل فُلانٌ‏:‏ ضعُف‏.‏

‏(‏خزم‏)‏

الخاء والزاء والميم أصلٌ يدلُّ على انثقاب الشَّيء‏.‏ فكلُّ مثقوبٍ مخزومٌ‏.‏ والطَّير كلُّها مخزُومة؛ لأنَّ وَتَرَاتِ أنفها مخزُومة‏.‏ ولذلك يقال نَعام مُخَزَّمٌ‏.‏ قال‏:‏

* وأرفَعُ صوتي للنَّعام المُخَزّمِ *

وخَزَمْت الجَرادَ في العُود‏:‏ نَظَمْته‏.‏ وخَزمْتُ البعيرَ، إذا جعلْتَ في وَتَرَةِ أنْفه خِزَامةً من شَعْر‏.‏ وعلى هذا القياسِ يسمَّى شجرةٌ من الشَّجر خَزَمة؛ وذلك أنّ لها لِحاءً يُفتَل منه الحِبال، والحبال خِزامات‏.‏

وقد شذَّ عن الباب الخَزُومة‏:‏ البقرة‏.‏ وَكلمةٌ أخرى، يقال خازَمْتُ الرّجُلَ الطّريقَ، وهو أن يأخُذَ في طريقٍ ويأخُذَ هو في غيرِه حتَّى يلتقِيا في مكانٍ واحد‏.‏ وأخْزَمُ‏:‏ رجلٌ‏.‏ فأمَّا قولهم إنّ الأخْزَم الحيَّة الذكرُ، فكلامٌ فيه نظَر‏.‏

‏(‏خزن‏)‏

الخاء والزاء والنون أصلٌ يدلُّ على صيانة الشَّيءِ‏.‏ يقال خزَنْتُ الدِّرهَم وغيرَه خَزْناً؛ وخزَنتُ السِّرَّ‏.‏ قال‏:‏

إذا المرءُ لم يخْزُنْ عليه لِسَانََُهُ *** فليس على شَيءٍ سِواهُ بخَزَّانِ

فأمّا خَزِنَ اللّحمُ‏:‏ تغيَّرَتْ رائحتُه، فليس من هذا، إنما هذا من المقلوب والأصل خنِزَ‏.‏ وقد ذُكِر في موضعه‏.‏ قال طرَفة في خزِن‏:‏

ثم لا يَخْزَنُ فينا لحمُها *** إنَّما يَخْزَنُ لحمُ المُدَّخِرْ

‏(‏خزو‏)‏

الخاء والزاء والحرف المعتل أصلان‏:‏ أحدهما السياسة، والآخر الإبعاد‏.‏

فأمَّا الأول فقولهم خَزَوتُهُ، إذا سُسْتَه‏.‏ قال لبيد‏:‏

* واخْزُهَا بالبِرِّ لله الأجَلّ *

وقال ذو الأصبع‏:‏

لاهِِ ابنُ عَمِّكَ لا أفْضَلْتَ في حسبٍ *** عَنِّي ولا أنتَ دَيّانِي فتخزونِي

وأمَّا الآخَر فقولُهم‏:‏ أخزَاهُ الله، أي أبعَدَه ومَقَتَه‏.‏ والاسم الخِزْي‏.‏ ومن هذا الباب قولهم خَزِي الرّجل‏:‏ استحيا مِن قُبْحِ فعله خَزَايةً، فهو خَزيان؛ وذلك أنّه إذا فعل ذلك واستحيا تباعَدَ ونأى‏.‏ قال جرير‏:‏

وإنّ حِمىً لم يَحْمِهِ غيرُ فُرْتَنَى *** وغيرُ ابنِ ذِي الكِيرَيْنِ خَزْيانُ ضائعُ

‏(‏خزب‏)‏

الخاء والزاء والباء يدلُّ على وَرَم ونتُوّ في اللّحم‏.‏ يقال خَزِبَت الناقةُ خَزَباً، وذلك إذا وَرِم ضَرْعُها‏.‏ والأصل قولهم لحمٌ خزِبٌ‏:‏ رَخْصٌ‏.‏ وكلُّ لحمةٍ رَخْصَةٍ خَزِبَة‏.‏

‏(‏خزر‏)‏

الخاء والزاء والراء أصلان‏.‏ أحدهما جِنْسٌ ‏[‏من‏]‏ الطَّبيخ، والآخر ضِيقٌ في الشَّيء‏.‏

فالأوّل الخَزِيرُ، وهو دقيقٌ يُلْبَكُ بشَحْم‏.‏ وكانت العربُ تعَيِّر آكِلَه‏.‏

والثاني الخَزَر، وهو ضيق العَيْنِ وصِغَرُها‏.‏ يقال رجلٌ أخْزَرُ وامرأةٌ خَزْراءُ‏.‏ وتخازَرَ الرّجُل، إذا قبَض جفنَيه ليحدِّد النّظَر‏.‏ قال‏:‏

* إذا تخازَرْتُ وما بي مِن خَزَرْ *

‏(‏باب الخاء والسين وما يثلثهما‏)‏

‏(‏خسف‏)‏

الخاء والسين والفاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على غموض وغُؤور، وإليه يرجعُ فُروع الباب‏.‏ فالخَسْف والخَسَف‏.‏ غموضُ ظاهرِ الأرض‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَخَسَفْنَا بِهِ وَبِدَارِهِ الأَرْضَ‏}‏ ‏[‏القصص 81‏]‏‏.‏

ومن الباب خُسوفُ القَمَر‏.‏ وكان بعضُ أهل اللُّغة يقول‏:‏ الخُسوف للقمر، والكُسوف للشمس‏.‏ ويقال بئرٌ خَسِيفٌ، إذا كُسِرَ جِيلُها فانهارَ ولم يُنتَزَحْ ماؤُها‏.‏ قال‏:‏

* قَليذَمٌ من العَياليم الخُسُفْ *

وانخسفَت العينُ‏:‏ عمِيَتْ‏.‏ والمهزول يسمَّى خاسفاً؛ كأنّ لحمَه غارَ ودخَل‏.‏ ومنه‏:‏ بات على الخَسْفِ، إذا باتَ جائعاً، كأنّه غاب عنه ما أرادَه مِن طعام‏.‏ وَرضِيَ بالخَسْفِ، أي الدنِيّة‏.‏ ويقال‏:‏ وقَع النّاسُ في أخاسِيفَ من الأرض، وهي اللّينة تكاد تَغْمُِضُ لِلينها‏.‏

وممّا حُمِل على الباب قولُهم للسحاب الذي ‏[‏يأتي‏]‏ بالماء الكثير خَسِيفٌ، كأنَّه شُبِّه بالبئر التي ذكرناها‏.‏ وكذلك قولهم ناقة خَسِيفة، أي غزيرة‏.‏ فأمّا قولهم إنّ الخَسْفَ الجَوزُ المأكول* فما أدري ما هُو‏.‏

‏(‏خسق‏)‏

الخاء والسين والقاف ليس أصلاً؛ لأنَّ السِّين فيه مُبدلةٌ من الزاء، وإنّما يُغَيَّر اللّفظُ ليغيَّر بعضُ المعنى‏.‏ فالخازق من السِّهام‏:‏ الذي يرتزُّ إذا أصابَ الهدف‏.‏ والخاسق‏:‏ الذي يتعلَّق ولا يرتَزُّ‏.‏ ويقولون-والله أعلم بصحته- إنّ الناقة الخَسُوقَ السيِّئةُ الخُلُق‏.‏

‏(‏خسل‏)‏

الخاء والسين واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على ضَعْفٍ وقِلَّةِ خَطَر‏.‏ فالمَخْسُول‏:‏ المرذول‏.‏ ورجالٌ خُسَّلٌ مثل سُخَّل، وهم الضُّعَفاء‏.‏ والكواكب المخسولة‏:‏ المجهولة التي لا أسماء لها‏.‏ قال‏:‏

ونحنُ الثُّرَيّا وجوزاؤُها *** ونحنُ السّماكانِ والمِرْزَمُ

وأنتُم كواكبُ مَخْسُولةٌ *** تُرَى في السّماء ولا تُعْلَمُ

‏(‏خسأ‏)‏

الخاء والسين والهمزة يدلُّ على الإبعاد‏.‏ يقال خَسَأْتُ الكلبَ‏.‏ وفي القرآن‏:‏ ‏{‏قَالَ اخْسَؤُوا فِيهَا وَلاَ تُكَلِّمُونِ‏}‏ ‏[‏المؤمنون 108‏]‏، كما يقال ابعُدوا‏.‏

‏(‏خسر‏)‏

الخاء والسين والراء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على النَّقْص‏.‏ فمن ذلك الخُسْر والخُسْران، كالكُفْر والكُفْران، والفُرْق والفُرْقان‏.‏ ويقال خَسَرْتُ المِيزانَ وأخْسَرْتُه، إذا نقَصْتَه‏.‏ والله أعلم‏.‏

 

‏(‏باب الخاء والشين وما يثلثهما‏)‏

‏(‏خشع‏)‏

الخاء والشين والعين أصلٌ واحدٌ، يدلُّ على التَّطامُن‏.‏ يقال خَشَع، إذا تطامَنَ وطأْطأَ رأسَه، يخشَع خُشوعاً‏.‏ وهو قريبُ المعنى من الخضوع، إلاّ أنّ الخُضوع في البدَن والإقرارُ بالاستخذاء، والخشوعَ في الصَّوتِ والبصر‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏خَاشِعَةً أبْصَارُهُمْ‏}‏ ‏[‏القلم 43، المعارج 44‏]‏‏.‏ قال ابنُ دريد‏:‏ الخاشِع المستكينُ والرَّاكع‏.‏ يقال اختشعَ فلانٌ، ولا يقال اختَشَع بَصرُه‏.‏ ويقال‏:‏ خَشَع خَراشِيَّ صدْرِه، إذا ألْقى بُزاقاً لزِجاً‏.‏ والخُشْعَة‏:‏ قِطعةٌ من الأرض قُفٌّ قد غلبَتْ عليه السُّهولة‏.‏ يقال قُفٌّ خاشع‏:‏ لاطِئٌ بالأرض‏.‏ قال ابنُ الأعرابيّ‏:‏ بلدةٌ خاشعة‏:‏ مُغْبَرَّة‏.‏ قال جريرٌ‏:‏

لَمّا أتى خبرُ الزُّبَيْرِ تواضعت *** سُورُ المدينةِ والجبالُ الخُشَّعُ

قال الخليل‏.‏ خَشَعَ سَنامُ البَعير، إذا ذهَبَ إلاّ أقله‏.‏

‏(‏خشف‏)‏

الخاء والشين والفاء يدلُّ على الغُموض والسَّتْر وما قارب ذلك‏.‏ فالخُشَّاف‏:‏ طائرُ الليل، معروف‏.‏ والمِخْشَف‏:‏ الرّجل الجَريء على الليّل‏.‏ ويقال خَشَفَ يَخْشِفُ خُشُوفاً، إذا ذهَبَ في الأرض وهو قياس الباب‏.‏ والأخْشَف‏:‏ البعير الذي غطَّى جلدَه الجربُ؛ لأنّه إذا غطَّاه فقد سَتَره‏.‏ وسيف خَشِيفٌ‏:‏ ماضٍ، في ضريبَتِه غُموضٌ‏.‏ والخشْفَة‏:‏ الصَّوت ليس بالشديد‏.‏

ومما شذَّ عن الأصل الخَُِشْف‏:‏ وهُوَ الغَزَال‏.‏ وهو صحيح‏.‏ ويقولون-والله أعلم- إنَّ الخشيف الثَّلج ويبيس الزَّعفَران‏.‏ وخشَفْت رأسَه بالحجر، إذا فضخْته‏.‏ فإنْ كان هؤلاء الكلماتُ الثّلاثُ صحيحةً فقياسُها قياسٌ آخر، وهو من الهشْمِ والكَسْر‏.‏

‏(‏خشل‏)‏

الخاء والشين واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على حَقارة وصِغَر‏.‏ قالوا‏:‏ الخَشْل الرديُّ مِن كلِّ شيء‏.‏ قالوا‏:‏ وأصلُه الصِّغار من المُقْل، وهو الخَشْل‏.‏ الواحدة ‏[‏خَشلْة‏]‏‏.‏ قال الشَمّاخ يصف عُقَاباً ووكْرَه‏:‏

تَرَى قِطَعاً من الأحناش فيه *** جماجِمُهنَّ كالخَشَلِ النَّزِيعِ

يقول‏:‏ إنّ في وكره رؤوسَ الحيّات‏.‏ ويقال لِرُؤوس الحَلي، من الخلاخيل والأسورة خَشْل‏.‏ وهذا على معنى التشبيه، أو لأنَّ ذلك أصغرُ ما في الحَلْي‏.‏ وكان الأصمعيُّ يفسِّر بيت الشماخ على هذا‏.‏

قال‏:‏ وشبّه رؤوس ‏[‏الأحناش‏]‏ بذلك، وهو أشْبَه‏.‏ ويقال إنّ الخَشْل البَيْض إذا أخرج ما في جَوْفه‏.‏ فإن كان هذا صحيحاً فلا شيءَ أحقَرُ من ذلك‏.‏ وهو قياس الباب‏.‏

‏(‏خشم‏)‏

الخاء والشين والميم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على ارتفاعٍ‏.‏ فالخَيْشوم‏:‏ الأنف‏.‏ والخَشَم‏:‏ داءٌ يعتَرِيه‏.‏ والرجل الغليظُ الأنْفِ خُشَام‏.‏ والمُخَشَّم‏:‏ الذي ثار الشَّرابُ في خَيشومه فسَكِر‏.‏ وخياشيم الجِبال‏:‏ أنوفُها‏.‏

وشذَّت عن الباب كلمةٌ إن كانت صحيحة‏.‏ قالوا‏:‏ خَشِم اللّحمُ تغيّر‏.‏

‏(‏خشن‏)‏

الخاء والشين و*النون أصلٌ واحد، وهو خلافُ اللِّين‏.‏ يقال شيءٌ خَشِنٌ‏.‏ ولا يكادُون يقولون في الحجَر إلاَّ الأخْشَن‏.‏ قال‏:‏

* ‏[‏و‏]‏ الحجرُ الأخْشَنُ والثِّنَايَهْ *

واخشَوْشَنَ الرَّجُل، إذا تماتَنَ وترك التُّرْفَةَ‏.‏ وكتيبة خشناءُ، أي كثيرة السِّلاح‏.‏

‏(‏خشي‏)‏

الخاء والشين والحرف المعتل يدلُّ على خَوف وذُعْر، ثمّ يحمل عليه المجاز‏.‏ فالخَشيَة الخَوْف‏.‏ ورجلٌ خَشْيَانُ‏.‏ وخاشانِي فلانٌ فخشَيْتُه، أي كنتُ أشّد خَشْيةً منه‏.‏

والمجاز قولهم خَشِيت بمعنى عَلِمت‏.‏ قال‏:‏

ولقد خَشِيت بأنَّ مَن تَبِعَ الهُدى *** سكَنَ الجِنَانَ مع النبيِّ محمدِ

أي علِمتُ‏.‏ ويقال هذا المكانُ أخْشَى من ذلك، أي أشدُّ خوفاً‏.‏

ومما شذَّ عن الباب، وقد يمكن الجمعُ بينهما على بُعدٍ، الخَشْوُ‏:‏ التمر الحَشَف‏.‏ وقد خَشَتِ النَّخلةُ تَخْشُو خَشْواً‏.‏ والخَشِيُّ من اللّحم‏:‏ اليابسُ‏.‏

‏(‏خشب‏)‏

الخاء والشين والباء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خشونةٍ وغِلَظ‏.‏ فالأخْشَب‏:‏ الجبَلُ الغليظ‏.‏ ومن ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم، في مكّة‏:‏ ‏"‏لا تَزُول حَتَّى يَزُولَ أخْشَبَاها‏"‏‏.‏ يريد جبلَيْها‏.‏ وقول القائل يصف بعيراً‏:‏

* تَحْسَب فَوقَ الشَّوْلِ مِنْه أخْشَبَا *

فإنّه شبَّهَ ارتفاعَه فوق النُّوق بالجبَل‏.‏ والخَشِيب السيف الذي بُدِئَ طَبعُه؛ ولا يكون في هذه الحال إلاّ خَشِناً‏.‏ وسهمٌ مخْشوبٌ وخشيبٌ، وهو حين يُنْحَتُ‏.‏ وجَمَلٌ خشيب‏:‏ غليظ‏.‏ وكلُّ هذا عندي مشتقٌّ من الخشَب‏.‏ وتخشَّبت الإبل، إذا أكَلَتِ اليبيسَ من المرعَى‏.‏ ويقال جَبْهةٌ خَشْبَاءُ‏:‏ كريهة يابسة ليست بمستوية‏.‏ وظَليمٌ خشيبٌ‏:‏ غليظ‏.‏ قال أبو عُبيد‏:‏ الخشيبُ السَّيفُ الذي بُدِئَ طبعُه؛ ثمّ كثُر حتَّى صار عندهم الخشيبُ الصقيلَ‏.‏

‏(‏خشر‏)‏

الخاء والشين والراء يدلُّ على رداءةٍ ودُونٍ‏.‏ فالخُشَارة‏:‏ ما بقي ‏[‏على‏]‏ المائدةِ، ممّا لا خيرَ فيه‏.‏ يقال خَشَرْتُ أَخْشِر خَشْراً، إذا بَقّيت الرَّدِيّ‏.‏ ويقال الخُشَارة من الشَّعير‏:‏ ما لا لُبَّ لـه، فهو كالنُّخَالة‏.‏ وإنّ فُلاناً لَمِنْ خُشارة النّاس، أي رُذَالِهم‏.‏

‏(‏باب الخاء والصاد وما يثلثهما‏)‏

‏(‏خصف‏)‏

الخاء والصاد والفاء أصلٌ واحدٌ يدلُّ على اجتماعِ شيءٍ إلى شيء‏.‏ وهو مطّرِدٌ مستقيم‏.‏ فالخَصْف خَصْفُ النَّعْل، وهو أن يُطَبَّق عليها مثلُها‏.‏ والمِخْصَف‏:‏ الإشْفَى والمِخْرزُ‏.‏ قال الهذلي‏:‏

حَتَّى انتهَيْتُ إلى فِراشِ عَزِيزةٍ *** سَوداءَ رَوْثَةُ أَنفِها كالمِخْصَفِ

يعني بِفراشِ العَزيزة عُشَّ العُقَاب‏.‏

ومن الباب الاختصاف، وهو أن يأخذ العُرْيانُ على عَوْرته ورقاً عريضاً أو شيئاً نحْوَ ذلك يَسْتَتِرُ به‏.‏ والخَصِيفة‏:‏ اللَّبنُ الرائبُ يُصَبُّ عليه الحليب‏.‏

ومن الباب، وإن كانا يخْتلفانِ في أنّ الأوّل جَمْعُ شيءٍ إلى شيء مطابقةً، والثاني جَمْعه إليه من غير مطابقة، قولُهم حَبْلٌ خَصِيفٌ‏:‏ فيه سوادٌ وبياض‏.‏ قال بعضُ أهلِ اللُّغة‏:‏ كل ذي لونينِ مجتمعين فهو خَصِيفٌ‏.‏ قال‏:‏ وأكثر ذلك السَّوادُ والبياضُ‏.‏ وفرس أَخْصَفُ، إذا ارتفَعَ البلَق من بطنه إلى جنْبَيه‏.‏

ومن الباب الخَصَفةُ، وهي الجُلَّةُ من التَّمْرِ؛ وتكون مخصوفةً‏.‏ قال‏:‏

* تَبِيعُ بَنِيهَا بالخِصافِ وبالتَّمْرِ *

ومن الذي شذَّ عن هذه الجملة قولُهم للنّاقة إذا وضعت حَمْلَها بعد تسعة أشهر‏:‏ خَصَفَتْ تخْصِف خِصافاً؛ وهي خَصُوفٌ‏.‏

‏(‏خصل‏)‏

الخاء والصاد واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على القَطْعِ والقِطعةِ من الشَّيء، ثم يُحمَل عليها تشبيهاً ومجازاً‏.‏ فالخَصْل القَطْع‏.‏ وسيف مِخْصَل‏:‏ قطَّاع‏.‏ والخُصْلة من الشَّعَْر معروفة‏.‏ والخَصِيلة‏:‏ كلُّ لحمةٍ فيها عَصَبٌ‏.‏ هذا هو الأصل‏.‏

وممّا حُمِل عليه الخُصَل* أطراف الشّجرِ المتدلّيةُ‏.‏ ومن هذا الباب الخَصْل في الرِّهان، وذلك أن تُحْرِزَه‏.‏ والذي يحرزُه طائفةٌ من الشيء‏.‏ ثمَّ قيل‏:‏ في فلانٍ خَصْلةٌ حَسَنةٌ وسيِّئة‏.‏ والأصل ما ذكرناه‏.‏

‏(‏خصم‏)‏

الخاء والصاد والميم أصلان‏:‏ أحدهما المنازعة، والثاني جانبُ وِعاءٍ‏.‏

فالأوّل الخَصْمُ الذي يُخاصِم‏.‏ والذّكرُ والأنثى فيه سواءٌ‏.‏ والخِصام‏:‏ مصدرُ خاصمتُه مُخاصَمةً وخِصاماً‏.‏ وقد يجمع الجمعُ على خُصومٍ‏.‏ قال‏:‏

* وقد جَنَفَتْ عَلَيَّ خُصُومِي *

والأصل الثاني‏:‏ الخُصْم جانب العِدْل الذي فيه العُرْوة‏.‏ ويقال إنّ جانب كلِّ شيءٍ خُصْمٌ‏.‏ وأخْصامُ العين‏:‏ ما ضُمَّتْ عليه الأشفار‏.‏ ويمكن أنْ يُجمَع بين الأصلين فيردَّ إلى معنىً واحد‏.‏ وذلك أنّ جانِبَ العِدل مائلٌ إلى أحد الشقيْنِ، والخَصْم المنازِعُ في جانبٍ؛ فالأصل واحدٌ‏.‏

‏(‏خصن‏)‏

الخاء والصاد والنون ليس أصلاً‏.‏ وفيه كلمةٌ واحدة إن صَحَّت‏.‏ قالوا‏:‏ الخَصِين‏:‏ الفأس الصَّغيرة‏.‏

‏(‏خصي‏)‏

الخاء والصاد والحرف المعتل كلمةٌ واحدةٌ لا يُقاسُ عليها إلاّ مجازاً، وهي قولُهم خَصَيتُ الفَحْل خَصْياً‏.‏ و‏"‏برِئْتُ إليك من الخِصاء‏"‏‏.‏ ومعنى خَصَيْت فعلٌ مشتقٌّ من الخُصْي؛ وهو إيقاعٌ به، كما يقال ظَهَرْتُه وبطنته، إذا ضربتَ ظهْرَه وبطنَه‏.‏ فكذلك خَصَيْته‏:‏ نزعت خُصْيَيْه‏.‏

‏(‏خصب‏)‏

الخاء والصاد والباء أصلٌ واحد، وهو ضدُّ الجَدْب‏.‏ مكانٌ مُخْصِبٌ‏:‏ خَصِيبٌ‏.‏ ومن الباب الخِصَاب‏:‏ نَخْل الدَّقَل‏.‏

‏(‏خصر‏)‏

الخاء والصاد والراء أصلان‏:‏ أحدهما البَرْد، والآخر وسَط الشَّيء‏.‏

فالأوّل قولُهم خَصِر الإنسانُ يَخْصَر خَصَراً، إذا آلَمهُ البَرد في أطرافه‏.‏ وخَصِر يومنا خَصراً، أي اشتدَّ برْدُه‏.‏ ويومٌ خَصِرٌ‏.‏ قال حسان‏:‏

رُبَّ خالٍ لِيَ لو أبْصَرْتِهِ *** سَبِطِ المِشيْةِ في اليومِ الخَصِرْ

وأمَّا الآخَر فالخَصْر خَصْرِ الإنسانِ وغيره، وهو وَسَطُه المستدِقُّ فوق الورِكين‏.‏ والمُخَصَّر‏:‏ الدقيق الخَصْر‏.‏ ومنه النَّعلُ المُخَصَّرَة‏.‏ وأما المِخْصَرَةُ فقضيبٌ أو عصا يكون مع الخاطب إذا تكلَّم؛ والجمعُ مَخاصر‏.‏ قال‏:‏

* إذا وصَلُوا أيمانَهُمْ بالمخاصرِ *

وإنّما سُمِّيت بذلك لأنّها تُوازِي خَصْر الإنسان‏.‏ والمخَاصَرة‏:‏ أن يأخذ الرجل ‏[‏بيَدِ آخرَ‏]‏ ويتماشَيانِ ويَدُ كلِّ واحدٍ منهما عندَ خَصْرِ صاحبِه‏.‏ قال‏:‏

ثُمَّ خاصَرْتُها إلى القبَّة الخَضْـ *** ـرَاءِ تمشِي في مَرْمَرٍ مَسْنُونِ

وخَصْر الرّمْل‏:‏ وسَطَه‏.‏ قال‏:‏

أَخَذْنَ خُصُورَ الرّمْلِ ثمَّ جَزَعْنَه *** على كُلِّ قَيْنِيٍّ قَشيبٍ وَمُفْأَمِ

والاختصار في الكلام‏:‏ تَرْكُ فُضولِه واستيجاز معانيه‏.‏ وكان بعضُ أهل اللغة يقول الاختصار أخْذُ أوساط الكلامِ وتَرْكُ شُعَبِه‏.‏ ويقال إنّ المخاصرةَ في الطَّريق كالمخَازَمَة‏.‏ وقد ذُكِر‏.‏ والله أعلم‏.‏

 

‏(‏باب الخاء والضاد وما يثلثهما‏)‏

‏(‏خضع‏)‏

الخاء والضاد والعين أصلان‏:‏ أحدُهما تطامُنٌ في الشَّيء، والآخرُ جنسٌ من الصَّوت‏.‏

فالأوّل الخُضُوع‏.‏ قال الخَليل‏.‏ خضع خُضوعاً، وهو الذلُّ والاستخذاء‏.‏ واختَضَع فلانٌ، أي تذلَّل وتقاصر‏.‏ ورجلٌ أخْضَعُ وامرأةٌ خَضْعاءُ، وهما الرّاضِيانِ بالذُّلِّ‏.‏ قال العجاج‏:‏

وصرتُ عبداً للبَعوضِ أخْضَعَا *** يَمَصُّنِي مَصَّ الصَّبِيِّ المُرْضِعا

وقال غيره‏:‏ خَضَعَ الرّجلُ، وأخْضَعَهُ الفقرُ‏.‏ ورجلٌ خُضَعةٌ‏:‏ يَخْضَعُ لكلِّ أحَد‏.‏ قال الشَّيبانيّ‏:‏ الخَضَع انكبابٌ في العُنُق إلى الصَّدْر؛ يقال رجُلٌ أخْضَع وعُنُقٌ خَضْعاء‏.‏ قال زهير‏:‏

وَرْكاءُ مُدْبِرةً كَبْدَاءُ مُقْبِلَةً *** قوْداءُ فيها إذا استعرضْتَها خَضَعُ

قال بعض الأعراب‏:‏ الخَضَعُ في الظِّلمانِ‏:‏ انثناءٌ في أعناقها‏.‏ قال أبو عمرو‏:‏ *المُختضِع من اللواحم المتطامِنُ رأسُه إلى أسفلِ خُرطومِه‏.‏ قال النابغة‏:‏

أهْوَى لها أمْغَرُ السَّاقين مختضِعٌ *** خُرطومُه من دِماء الصَّيدِ مختضبُ

قال ابنُ الأعرابيّ‏:‏ الأخضع المتطامِن‏.‏ ومنه حديث الزبير‏:‏ ‏"‏أَنّه كان أخْضَعَ أشعَر‏"‏‏.‏ قال أبو حاتم‏:‏ الخُِضْعانُ أنْ تخضَع الإبلُ بأعناقِها في السَّير، وهو أشدُّ الوَضْع‏.‏ قال‏:‏ ويقال أَخْضَعَه الشَّيبُ وخَضَعَه‏.‏ قال‏:‏ ويقال اختضَع الفحلُ النّاقةَ، وهو أنْ يُسَانَّها ثم يَخْتَضِعها إلى الأرض بكلكَلِه‏.‏ ويقال خضَع النَّجمُ، إذا مالَ للمغيب‏.‏ قال امرؤ القيس‏:‏

بَعَثْتُ إليها والنجومُ خواضعٌ *** بِلَيْلٍ حِذاراً أنْ تَهُبَّ وتُسْمَعَا

قال ابن دريد‏:‏ خَضَع الرّجلُ وأخْضَع، إذا لانَ كلامُه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏نهى أنْ يُخضِع الرّجلُ لغير امرأته‏"‏ أي يليِّن كلامه‏.‏

وأمّا الآخر فقال الخليل‏:‏ الخَيْضعَةُ‏:‏ التفافُ الصَّوت في الحربِ وغيرِها‏.‏ ويقال هو غُبَار المعركة‏.‏

وهذا الذي قِيل في الغُبار فليس بشيء؛ لأنه لا قِياسَ له، إلا أن يكون على سبيلِ مجاوَرَةٍ‏.‏ قال لبيدٌ في الخَيْضعة‏:‏

* الضاربُونَ الهامَ تحتَ الخَيْضَعَهْ *

قال قومٌ‏:‏ الخْيضعة مَعركةُ القِتال؛ لأنّ الأقران يَخضعُ فيها بعضٌ لبعضٍ‏.‏ وقد عادت الكلمةُ على هذا القول إلى الباب الأول‏.‏

قال ابنُ الأعرابيّ‏:‏ وقع القومُ في خَيْضَعةٍ، أي صَخَب واختلاطٍ‏.‏ قال ابنُ الأعرابيّ‏:‏ والخَضِيعة الصَّوتُ الذي يُسمَع مِن بطن الدابّة إذا عدَتْ، ولا يُدرَى ما هُوَ، ولا فِعْلَ من الخضيعة‏.‏ قال الخليل الخَضِيعة ارتفاعُ الصَّوت في الحرب وغيرِها، ثمَّ قِيل لما يُسمَع من بطن الفرس خَضِيعة‏.‏ وأنشد‏:‏

كأنّ خَضِيعةَ بطنِ الجوَا *** دِوعْوَعةُ الذِّئبِ في فَدْفَدِ

قال أبو عمرو‏:‏ ويقال خَضَع بطنُه خَضِيعةً، أيْ صوّتَ‏.‏

قال بعضهم‏:‏ الخَضُوع من النساء‏:‏ التي تَسمَع لخواصرهَا صلصلةً كصوتِ خَضِيعة الفرَس‏.‏ قال جندل‏:‏

ليست بسَوداءَ خَضُوعِ الأعْفاجْ *** سِرْداحةٍ ذاتِ إهابٍ مَوَّاجْ

قال أبو عبيدة‏:‏ الخَضِيعتانِ لحمتانِ مجوَّفتان في خاصِرَتي الفرس، يدخلُ فيهما الرّيح فيسمعُ لهما صوتٌ إذا تَزَيَّد في مَشْيِه‏.‏ قال الأصمعيّ‏:‏ يقال‏:‏ ‏"‏للسِّياط خَضْعَةٌ، وللسُّيوف بَضْعة‏"‏‏.‏ فالخَضْعة‏:‏ صوتُ وقْعِها، والبَضْعَةُ‏:‏ قَطْعُها اللَّحم‏.‏

‏(‏خضف‏)‏

الخاء والضاد والفاء ليس أصلاً ولا شغل به‏.‏ ويقولون خَضِف إذا خَضَم‏.‏ والخَضَفُ‏:‏ البِطِّيخ، فيما يقولون‏.‏

‏(‏خضل‏)‏

الخاء والضاد واللام أصلٌ واحد يدلُّ على نَعْمةٍ ونَدى‏.‏ يقال أخْضَلَ المطرُ ‏[‏الأرضَ‏]‏ فهو مُخْضِلٌ، والأرض مُخْضَلَةٌ‏.‏ واخضلَّ الشَّيءُ‏:‏ ابتلّ‏.‏ والخَضِلُ‏:‏ النَّبات الناعم‏.‏ ويقال إنّ الخضيلةَ الرَّوضة‏.‏ ويقال لامرأة الرّجُل خُضُلَّتُه، وهو من هذا وذلك، كما سُمِّيَت طَلَّةً، لأنّها كالطّلِّ في عَينِه‏.‏ وكل نِعمة خُضُلّة‏.‏ قال‏:‏

إذا قلتُ إنّ اليومَ يومُ خَضُلّةٍ *** ولا شرْزَ لاقيتُ الأمورَ البَجَارِيا

‏(‏خضم‏)‏

الخاء والضاد والميم أصلان‏:‏ جنسٌ من الأكل، والآخَر يدلُّ على كثرةٍ وامتلاء‏.‏

فالأوّل الخَضْم، وهو المضغ بأقصى الأضراس‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏تَخْضِمون ونَقْضَمُ، والموعد الله‏"‏‏.‏

والأصل الآخَر‏:‏ الخِضَمُّ‏:‏ الرجُل الكثير العطيَّة‏.‏ والخِضَمُّ‏:‏ الجَمْع الكثير‏.‏ قال‏:‏

* فاجتَمَع الخِضَمُّ والخِضَمُّ *

وأما المِسَنّ فيقال له الخِضَمُّ تشبيهاً، وإنّما ذاك من قياس الباب؛ لأنّه يُسقى ماءً كثيراً‏.‏ وحُجَّتُه قول أبي وجْزة‏:‏

* على خِضَمٍّ يُسَقَّى الماءَ عَجّاجِ *

ومن الباب الخُضُمَّة، وهي عَظْمة الذّراع، وهو مُسْتَغْلَظُها‏.‏ ويقال إنّ *مُعظم كلِّ شيء خُضُمَّةٌ‏.‏

‏(‏خضن‏)‏

الخاء والضاد والنون أصلٌ واحد صحيح‏.‏ فالمُخَاضَنة‏:‏ المُغازلة‏.‏ قال الطرمّاح‏:‏

وألقتْ إليَّ القولَ منهنَّ زَوْلةٌ *** تُخَاضِنُ أوْ ترنُو لِقولِ المُخَاضِنِ

‏(‏خضب‏)‏

الخاء والضاد والباء أصلٌ واحدٌ، وهو خَضْبُ الشَّيء‏.‏ يقال خضبت اليدَ وغيرَها أخْضِبُ‏.‏ ويقال للظليم خاضِبٌ، وذلك إذا أكَلَ الرَّبيعَ فاحمرَّ ظُنْبوباه أو اصفَرَّا‏.‏ قال أبو دُوَاد‏:‏

له ساقا ظليم خا *** ضبٍ فُوجِئَ بالرُّعْبِ

ولا يقال إلاّ للظَّليم، دُونَ النعامة‏.‏ يقال‏:‏ امرأةٌ خُضَبَةٌ‏:‏ كثيرة الاختضاب‏.‏ ويقال ‏[‏خَضَبَ‏]‏ النّخلُ، إذا اخضرَّ طَلْعُه‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ خضب الشجر يَخْضب إذا اخْضَرَّ؛ واخضَوْضَب‏.‏ والكَفُّ الخَضيبُ‏:‏ نجم؛ وهذا على التَّشبيه‏.‏ وأَمّا الإجَّانة وتسميتُهم إيّاها المِخْضَب فهو في هذا؛ لأنّ الذي يُخْضَب به يكون فيها‏.‏

‏(‏خضد‏)‏

الخاء والضاد والدال أصلٌ واحدٌ مطّرِدٌ، وهو يدلُّ على تَثَّنٍّ في شيءٍ ليِّن‏.‏ يقال انخضد العُود انخِضاداً، إذا تَثَنَّى من غير كَسْر‏.‏ وخَضَدتُه‏:‏ ثَنَيْتُه‏.‏ وربَّما زادُوا في المعنى فقالوا‏:‏ خَضَدْتُ الشجرةَ، إذا كَسَرت شوكتَها‏.‏ ونباتٌ خَضيدٌ‏.‏ والأصلُ هو الأوَّل؛ لأنّ الخضيد هو الرّيَّان الناعم الذي يتثنَّى لِلِينه‏.‏ فأما قولُ النَّابغة‏:‏

يَمُدُّهُ كلُّ وادٍ مُتْرَعٍ لجِبٍ *** فيه رُكامٌ من اليَنْبُوتِ والخَضَدِ

فإنّه يقال‏:‏ الخَضَد ما قُطِع من كلِّ عُودٍ رَطْب‏.‏ ويقال خَضَدَ البعيرُ عُنقَ البعير، إذا تقاتَلا فَثَنى أحدُهما عُنُقَ الآخَر‏.‏

‏(‏خضر‏)‏

الخاء والضاد والراء أصلٌ واحد مستقيم، ومحمولٌ عليه‏.‏ فالخُضرة من الألوان معروفة‏.‏ والخَضْراء‏:‏ السَّماء، لِلَونها، كما سُمِّيت الأرضُ الغَبراء‏.‏ وكتيبةٌ خضراءُ، إذا كانت عِلْيَتُها سواد الحديد، وذلك أنّ كلَّ ما خالَفَ البياضَ فهو في حَيِّز السَّواد؛ فلذلك تداخلت هذه الصفاتُ، فيسمى الأسودُ أخضَر‏.‏ قال الله تعالى في صفة الجنَّتين‏:‏ ‏{‏مُدْهَامَّتَانِ‏}‏ ‏[‏الرحمن 64‏]‏ أي سَوداوان‏.‏ وهذا من الخضرة؛ وذلك أن النّبات الناعم الريَّانَ يُرَى لشدّة خُضرته من بُعدٍ أسود‏.‏ ولذلك سُمِّي سَوادُ العِراق لكثرة شجرِه‏.‏ والخُضْر‏:‏ قومٌ سُمُّوا بذلك لسواد ألوانهم‏.‏ والخُضرة في شِيات الخَيل‏:‏ الغُبرة تخالطها دُهْمة‏.‏ فأَمّا قوله‏:‏

وأنا الأخضرُ مَن يعرفني *** أخْضَرُ الجلدة في بيتِ العربْ

فإنه يقول‏:‏ أنا خالصٌ؛ لأنّ ألوان العرب سُمْرَةٌ‏.‏ فأمّا الحديثُ‏:‏ ‏"‏إيّاكم وخَضْرَاءَ الدِّمَن‏"‏ فإنّ تلك المرأة الحسناء في منبِت سَوْءٍ، كأنّها شجرةٌ ناضرة في دِمْنة بَعر‏.‏ والمخاضَرة‏:‏ بيع الثِّمار قبل بدُوِّ صلاحِها؛ وهو منهيٌّ عنه‏.‏ وأمّا قولهم‏:‏ ‏"‏خُضْر المَزَاد‏"‏ فيقال إنّها التي بقيت فيها بقايا ماءٍ فاخضرّت من القِدم، ويقال بل خُضْرُ المزاد الكُروش‏.‏

ويقال إن الخَضَارَ البقلُ الأوّل‏.‏

فأما قوله‏:‏ ‏"‏ذهب دمُه خِضْراً‏"‏، إذا طُلّ‏.‏ فأَحسَِبه من الباب‏.‏ يقول‏:‏ ذهب دمُه طرِيَّاً كالنَّبات الأخضر، الذي إذا قُطِع لم يُنتفَع به بعدَ ذلك وبَطَل وذَبُل‏.‏

فأمّا قولهم إنَّ الخَضار اللَّبنُ الذي أُكثِر ماؤُه، فصحيحٌ، وهو من الباب؛ لأنّه إذا كان كذا غَلَبَ الماءُ، والماء يسمَّى الأسمر‏.‏ وقد قلنا إنّهم يسمُّون الأسْوَدَ أخضرَ، ولذلك يسمَّى البحرُ خُضارة‏.‏

‏(‏باب الخاء والطاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏خطف‏)‏

الخاء والطاء والفاء أصلٌ واحدٌ مطّرِد منقاس، وهو استلابٌ في خفّة‏.‏ فالخَطْف الاستلاب‏.‏ تقول‏.‏ خَطِفْتُه أخْطَفُه، وخَطَفْتُه أخطِفُه‏.‏ وبَرْقٌ خاطفٌ لنور الأبْصار‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏يَكَادُ البَرْقُ يَخْطَِفُ أَبْصَارَهُم‏}‏ ‏[‏البقرة 20‏]‏، والشيطان يخطَِف السَّمع، إذا استرق‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏إلاَّ مَنْ خَطِفَ الخَطْفَة‏}‏ ‏[‏الصافات 10‏]‏‏.‏ ويقال للشيطان‏:‏ ‏"‏الخَطّاف‏"‏، وقد* جاء هذا الاسم في الحديث‏:‏‏.‏ وجمل خَيْطَفٌ‏:‏ سريع المَرّ‏.‏ وتلك السُّرعة الخَيْطَفى‏.‏ قال‏:‏

* وعَنَقاً باقِي الرَّسيم خَيْطفا *

وبه سُمِّي الخَطَفى، والأصل فيه واحد؛ لأنّ المسرعَ يقلُّ لُبْث قوائمه على الأرض، فكأنّه قد خَطَِف الشَّيء‏.‏ ويقال هو مُخْطَفُ الحَشَا، إذا كان منطوِيَ الحشا‏.‏ وذلك صحيحٌ؛ لأنّه كأنّ لحمَه خُطِف منه فرقَّ ودَقَّ‏.‏ فأما قولهم‏:‏ رمَى الرمِيَّة فأَخطَفَها؛ إذا أخطأها، فمْمكنٌ أن يكون من الباب، ‏[‏وممكنٌ أن يكون‏]‏ الفاءُ بدلاً من الهمزة‏.‏ قال‏:‏

* إذا أصابَ صَيْدَهُ أو أخْطَفَا *

والخُطّاف‏:‏ طائر، والقياس صحيح، لأنّه يخطَف الشيءَ بمِخلبه‏.‏ يقال لمخاليب السِّباع خطاطيفها‏.‏ قال‏:‏

إذا عَلِقَتْ قِرْناً خَطَاطيفُ كَفِّهِ *** رأى الموتَ بالعينَين أسودَ أحْمَرا

والخطّاف‏:‏ حديدةٌ حَجْناء؛ لأنه يُخْتَطف بها الشيء، والجمع خطاطيف‏.‏ قال النابغة‏:‏

خطاطيفُ حُجْنٌ في حبالٍ مَتينةٍ *** تُمَدُّ بها أيدٍ إليكَ نوازعُ

‏(‏خطل‏)‏

الخاء والطاء واللام أصلٌ واحدٌ يدلُّ على استرخاءٍ واضطراب، قياسٌ مطرد‏.‏ فالخَطَل‏:‏ استرخاءُ الأذُن‏.‏ يقال أذُنٌ خَطْلاء، وثَلَّةٌ خُطْلٌ، وهي الغنم المسترخِيةُ الآذان‏.‏ قال‏:‏

إذا الهَدَفُ المِعْزالُ صوَّب رأسَه *** وأعجبَهُ ضَفْوٌ من الثَّلةِ الخُطْلِ

ورُمْحٌ خَطِلٌ‏:‏ مضطرِب‏.‏ ويقال للأحمق خَطِلٌ‏.‏ والخَطَل‏:‏ المنطقُ الفاسد‏.‏

وزعم ناسٌ أنّ الجوادَ يسمَّى خَطِلاً، وذلك لسُرعته إلى العطاء‏.‏ ويقال امرأةٌ خَطَّالةٌ‏:‏ ذاتُ رِيبة، وذلك لخَطَلها‏.‏ والأصل واحدٌ‏.‏

‏(‏خطم‏)‏

الخاء والطاء والميم يدلُّ على تقدُّمِ شيءٍ في نُتُوٍّ يكون فيه‏.‏ فالمَخَاطم الأنوف، واحدها مَخْطِم‏.‏ ورجلٌ أخطمُ‏:‏ طويلُ الأنف‏.‏ والخِطَام للبعير سُمِّي بذلك لأنّه يقع على خَطْمه‏.‏ ويقال إنّ الخُطْمة رَعْنُ الجَبَل‏.‏ فهذا هو الباب‏.‏

وقد شذت كلمةٌ واحدة، قالوا‏:‏ بُسْرٌ مُخَطَّمٌ، إذا صارت فيه خُطوط‏.‏

‏(‏خطو/أ‏)‏

الخاء والطاء والحرف المعتلّ والمهموز، يدلُّ على تعدّي الشيء، والذَّهاب عنه‏.‏ يقال خَطوتُ أخطو خَُطوة‏.‏ والخُطْوة‏:‏ ما بين الرِّجْلين‏.‏ والخَطْوة‏:‏ المرَّة الواحدة‏.‏

والخَطَاءُ من هذا؛ لأنّه مجاوزة حدِّ الصواب‏.‏ يقال أخطأ إذا تعدّى الصَّواب‏.‏ وخَطِئ يخطأُ، إذا أذْنب، وهو قياسُ الباب؛ لأنه يترك الوجه الخَيْرَ‏.‏

‏(‏خطب‏)‏

الخاء والطاء والباء أصلان‏:‏ أحدهما الكلامُ بين اثنين، يقال خاطبهُ يُخاطِبه خِطاباً، والخُطْبة من ذلك‏.‏ وفي النِّكاح الطّلَب أن يزوّج، قال الله تعالى‏:‏‏{‏لاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُمْ بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّساء‏}‏ ‏[‏البقرة 235‏]‏‏.‏ والخُطْبة‏:‏ الكلام المخطوب به‏.‏ ويقال اختطب القومُ فلاناً، إذا دعَوْه إلى تزوج صاحبتهم‏.‏ والخطب‏:‏ الأمرُ يقع؛ وإنما سُمِّي بذلك لِمَا يقع فيه من التَّخاطب والمراجعة‏.‏

وأمّا الأصل الآخرَ فاختلافُ لونَين‏.‏ قال الفرَّاء‏:‏ الخَطْبَاء‏:‏ الأتان التي لها خَطٌّ أسودُ على مَتْنِها‏.‏ والحمار الذكر أخْطَبُ‏.‏ والأخطَب‏:‏ طائر؛ ولعله يختلِف عليه لونان‏.‏ قال‏:‏

* إذا الأخْطَبُ الدَّاعِي على الدَّوْح صَرْصَرا *

والخُطْبان‏:‏ الحنْظَلُ إذا اختلف ألوانُه‏.‏ والأخطَبُ‏:‏ الحمار تعُلوه خُضْرة‏.‏ وكلُّ لونٍ يشبه ذلك فهو أخْطَبُ‏.‏

‏(‏خطر‏)‏

الخاء والطاء والراء أصلان‏:‏ أحدهما القَدْر والمكانة، والثاني اضطرابٌ وحركة‏.‏

فالأوّل قولهم لنظير الشيء خَطِيرُهُ‏.‏ ولِفلانٍ خَطَرٌ، أي منزلةٌ ومكانة تناظرُه وتصلُح لمِثْله‏.‏

والأصل الآخر قولهم‏:‏ خَطر البعير بذنبه خَطَراناً‏.‏ وخَطَرَ ببالي كذا خَطْراً، وذلك أن يمرَّ بقلبه بسرعةٍ لا لُبْثَ فيها ولا بُطْء‏.‏ ويقال خَطَر في مِشْيَته‏.‏ ورجلٌ خَطَّارٌ بالرُّمح، أي مَشَّاءٌ بِهِ طعّان‏.‏ قال‏:‏

* مَصاليتُ خَطّارون بالرُّمح في الوغَى *

ورمح خَطّارٌ‏:‏ ذُو اهتِزازٍ‏.‏ *وخَطَر الدّهر خَطرَانَهُ، كما يقال ضَرَب ضَرَبانَه‏.‏ والخَطْرة‏:‏ الذِّكرة‏.‏ قال‏:‏

بينما نحنُ بالبَلاكِثِ فالقا *** عِ سِراعاً والعِيسُ تهوِي هُوِيَّا

خَطَرَتْ خَطْرَةٌ على القلب مِن ذِكـ *** ـراكِ وَهْناً فما استطعتُ مُضِيّا

 

‏(‏باب الخاء والظاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏خظي‏)‏

الخاء والظاء والياء ليس في الباب غيره، وهو يدلُّ على اكتنازِ الشَّيء‏.‏ ولا يكادُ يقال هذا إلاّ في اللَّحم؛ يقال خَظِي لحمُه، إذا اكتَنَز‏.‏ ولحمه خَظَا بَظَا‏.‏ ورجلٌ خَظَوَانٌ‏:‏ ركِب لحمُه بعضُه بعضاً‏.‏‏

‏(‏باب الخاء والعين وما يثلثهما‏)‏

اعلم أنّ الخاء لا يكاد يأتلف مع العين إلاّ بدخيل، وليس ذلك في شيءٍ أصلاً‏.‏ فالخَيْعَل‏:‏ قميصٌ لا كُمَّىْ له‏.‏ قال‏:‏‏

* عَجوزٌ عليها هِدْمِلٌ ذاتُ خَيْعَلِ *‏

والخَيْعل‏:‏ الذِّئب، والغُول‏.‏ ويقال الخَيْعامَة نَعْتُ سَوْءٍ للرَّجُل‏.‏ ولا مُعوَّل على شيءٍ من هذا الجِنْسِ، لا ينقاس‏.‏‏

 

‏(‏باب الخاء والفاء وما يثلثهما‏)‏

‏(‏خفق‏)‏

الخاء والفاء والقاف أصلٌ واحد يرجع إليه فروعُه، وهو الاضطراب في الشَّيء‏.‏ يقال خفَق العلم يَخْفُِق‏.‏ وخفق النّجم، وخفق القلبُ يخفُِق خفقاناً‏.‏ قال‏:‏

كأنّ قطاةً عُلِّقت بجنَاحِها *** على كبِدي مِن شِدّةِ الخفقانِ

ويقال أخْفَقَ الرّجلُ بثوبه، إذا لَمَعَ به‏.‏ ومن هذا الباب الخَفْق، وهو كلُّ ضربٍ بشيءٍ عريض‏.‏ يقال خَفَقَ الأرضَ بنَعله‏.‏ ورجل خَفّاق القَدَمِ، إذا كان صدرُ قدمِه عريضاً‏.‏ والمِخْفَقُ‏:‏ السَّيف العريض‏.‏ ويقال إنّ الخَفْقَة المفازةُ، وسمِّيت بذلك لأنّ الرياح تختفِق فيها‏.‏

ومن الباب ناقة خفيقٌ‏:‏ سريعة‏.‏ وخَفَقَ السّرابُ؛ اضطربَ‏.‏ وخفَق الرّجُل خَفْقةً، إذا نَعَس‏.‏ والخافقانِ‏:‏ جانِبا الجَوِّ‏.‏ وامرأةٌ خَفّاقة الحشا، أي خمِيصة البَطْن، كأنَّ ذلك يضطرب‏.‏ وأمّا قولهم أَخفق الرجل، إذا غَزَا ولم يُصِب شيئاً، فيمكن أن يكون شاذّاً عن الباب، ويمكن أن يقال‏:‏ إذا لم يُصِبْ فهو مضطربُ الحال؛ وهو بعيد‏.‏ قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ ‏"‏أيُّما سَرِيَّةٍ غَزَتْ فأخفقَتْ كان لها أجرُها مَرَّتَين‏"‏‏.‏ وقال عنترة‏:‏

فيُخفِق مَرَّةً ويُفِيد أُخْرى *** ويَفجَع ذا الضغائن بالأرِيبِ

‏(‏خفي‏)‏

الخاء والفاء والياء أصلان متباينان متضادّان‏.‏ فالأوّل السَّتْر، والثاني الإظهار‏.‏

فالأوّل خَفِيَ الشَّيءُ يخفَى؛ وأخفيته، وهو في خِفْيَة وخَفاءٍ، إذا ستَرْتَه، ويقولون‏:‏ بَرِحَ الخَفَاء، أي وَضَحَ السِّرُّ وبدا ويقال لما دُونَ رِيشات الطائر العشر، اللواتي في مقدم جناحه‏:‏ الخوافي‏.‏ والخوافي‏:‏ سَعَفاتٌ يَلِين قَلْب النَّخلة والخافي‏:‏ الجنّ‏.‏ ويقال للرّجُل المستترِ مستخْفٍ‏.‏

والأصل الآخر خفا البرقُ خَفْواً، إذا لمع، ويكون ذلك في أدنى ضعف‏.‏ ويقال خَفَيْتُ ‏[‏الشَّيءَ‏]‏ بغَيْر ألِفٍ، إذا أظهرتَه‏.‏ وخَفَا المطَرُ الفَأر من جِحَرَتهنّ‏:‏ أخْرجَهن‏.‏ قال امرؤ القيس‏:‏

خَفاهُنّ من أَنْفَاقِهنّ كأنَّما *** خَفاهُنَّ وَدْقٌ من سَحابٍ مُركبِ

ويقرأ على هذا التأويل‏:‏ ‏{‏إنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ أَكَادُ أَخْفِيها‏}‏ ‏[‏طه 15‏]‏ أي أُظهِرُها‏.‏

‏(‏خفت‏)‏

الخاء والفاء والتاء أصلٌ واحدٌ، وهو إسرارٌ وكتمان‏.‏ فالخَفْتُ‏:‏ إسرار النُّطْق‏.‏ وتخافَتَ الرّجُلانِ‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏يَتَخَافَتُونَ بَيْنَهُمْ‏}‏ ‏[‏طه 103‏]‏‏.‏ ثم قال الشاعر‏:‏

أُخاطِبُ جَهْراً إذْ لهنّ تَخافُتٌ *** وشَتَّانَ بينَ الجَهْرِ وَالمَنْطِق الخَفْتِ

‏(‏خفج‏)‏

الخاء والفاء والجيم أصلٌ واحدٌ يدلُّ على خلاف الاستقامة‏.‏ فالأخفج‏:‏ الأعوج الرِّجْل؛ والمصدر الخَفَج، ويقال إنَّ الخَفَج* الرِّعدة‏.‏ وهو ذاك القياس‏.‏

‏(‏خفد‏)‏

الخاء والفاء والدال أصلٌ واحد، وهو من الإسراع‏.‏ يقال خَفَدَ الظليم‏:‏ أسرع في مَرِّه‏.‏ ولذلك سُمِّي خَفيْدَداً‏.‏

‏(‏خفر‏)‏

الخاء والفاءُ والراءُ أصلان‏:‏ أحدهما الحياء، والآخَر المحافظة أو ضِدُّها‏.‏

فالأوّل الخَفَرُ‏.‏ يقال خَفِرَت المرأةُ‏:‏ استحيت، تَخفَر خَفراً، وهي خَفِرَةٌ‏.‏ قال‏:‏

* زَانَهنّ الدَّلُّ والخَفَرُ *

وأمّا الأصل الآخر فيقال خفَرْتُ الرّجُل خُفْرةً، إذا أَجَرْتَه وكنتَ له خَفيراً‏.‏ وتَخَفَّرْتُ بفلانٍ، إذا استَجَرْتَ به‏.‏ ويقال أخفَرْتُه، إذا بَعَثْتَ معه خفيراً‏.‏

وأمّا خِلافُ ذلك فأخفَرتُ الرّجُلَ، وذلك إذا نقضْتَ عَهده‏.‏ وهذا كالباب الذي ذكرناه في خفَيت وأخفيت‏.‏

‏(‏خفع‏)‏

الخاء والفاء والعين أصلٌ واحدٌ يدلُّ على التزاق شيءٍ بشيء لِضُرٍّ يكون‏.‏ يقال انخَفَعَ الرَّجل على فراشه، إذا لَزِق به مِن مرض‏.‏ ويقال خَفعَ الرَّجُل، إذا التزق بطنُه بظهْره‏.‏ ومنه قول جرير‏:‏

* رَغداً وضَيْفُ بني عِقالٍ يُخْفَعُ *

وذكر ناسٌ‏:‏ انخفَعت كَبِدُه من الجوع، إذا انقطعت‏.‏ وأنشدوا هذا البيتَ؛ وهو قريبٌ من الأوّل‏.‏ وقال بعضهم‏:‏ الأخفع الرجل الذي كأنَّ به ظَلْعاً إذا مشَى‏.‏ ويقال‏:‏ الخَوْفَع الواجم المكتئِب‏.‏ ويقال خفَعتُه بالسَّيف، إذا ضربتَه به‏.‏ والقياس واحد‏.‏

‏(‏باب الخاء واللام وما يثلثهما‏)‏

‏(‏خلم‏)‏

الخاء واللام والميم أصلٌ واحد يدل على الإلْفِ والمُلازَمة‏.‏ فالخِلْم‏:‏ كِناس الظّبى، ثمَّ اشتقَّ منه الخِلْم، وهو الخِدْن‏.‏ والأصل واحد‏.‏

‏(‏خلو‏)‏

الخاء واللام والحرف المعتل أصلٌ واحد يدلُّ على تعرِّي الشَّيء من الشيء‏.‏ يقال هو خِلْوٌ من كذا، إذا كان عِرْواً منه‏.‏ وخَلَتِ الدار وغيرُها تخلُو‏.‏ والخَلِيّ‏:‏ الخالي من الغَمّ‏.‏ وامرأةٌ خَلِيَّة‏:‏ كنايةٌ عن الطَّلاق، لأنّها إذا طُلّقت فقد خَلَتْ عن بعلها‏.‏ ويقال خلا لِيَ الشّيءُ وأخلى‏.‏ قال‏:‏

أعاذلَََُ هل يأتِي القَبَائلَ حظُّها *** مِن الموتِ أم أخْلَى لنا الموتُ وَحْدَنا

والخَلِيّة‏:‏ الناقة تُعطَف على غير ولدِها، لأنّها كأنّها خَلَتْ من ولدها الأول‏.‏ والقرون الخالية‏:‏ الموَاضِي‏.‏ والمكان الخَلاء‏:‏ الذي لا شيءَ به‏.‏ ويقال ما في الدار أحدٌ خلا زَيْدٍ وزيداً، أي دَع ذِكرَ زيدٍ، اخْلُ من ذكر زيد‏.‏ ويقال‏:‏ افعَلْ ذاكَ وخَلاَك ذَمٌّ، أي عَدَاك وخلَوْت منه وخلا منك‏.‏

ومما شذَّ عن الباب الخَلِيَّة‏:‏ السفينة، وبيت النَّحل‏.‏ والخَلا‏:‏ الحشيش‏.‏ وربَّما عبَّرُوا عن الشيء الذي يخلُو من حافِظِه بالخَلاة، فيقولون‏:‏ هو خَلاَةٌ لكذا، أي هو مِمَّن يُطْمَع فيه ولا حافِظَ له‏.‏ وهو من الباب الأوّل‏.‏

وقال قوم‏:‏ الخَلْيُ القَطْع، والسيف يَخْتَلِي، أي يقتَطع‏.‏ فكأنَّ الخلا سُمِّي بذلك لأنّه يُخْتَلى، أي يُقْطَع‏.‏

ومن الشاذّ عن الباب‏:‏ خلا به، إذا سَخِر به‏.‏

‏(‏خلب‏)‏

الخاء واللام والباء أصولٌ ثلاثة‏:‏ أحدها إمالة الشيء إلى نفسك، والآخر شيءٌ يشمل شيئاً، والثالث فسادٌ في الشيء‏.‏

فالأوّل‏:‏ مِخْلب الطائر؛ لأنه يَخْتلِب به الشيءَ إلى نَفْسه‏.‏ والمِخْلب‏:‏ المِنْجل لا أسنانَ لـه‏.‏ ومن الباب الخِلاَبَة‏:‏ الخِداع، يقال خَلَبَه بمنطقِه‏.‏ ثمَّ يحمل على هذا ويُشتقُّ منه البَرْق الخُلَّب‏:‏ الذي لا ماءَ معه، وكأنّه يَخْدَع، كما يقال للسَّراب خادعٌ‏.‏

وأما الثاني‏:‏ فالخُلْبُ اللِّيف، لأنه يشمل الشّجرة‏.‏ والخِلْب، بكسر الخاءِ‏:‏ حِجاب القَلْب، ومنه قيل للرجل‏:‏ ‏"‏هو خِلْبُ نِساءٍ‏"‏، أي يحبُّه النساء‏.‏

والثالث‏:‏ الخُلْب، وهو الطِّين والحمْأَة، وذلك ترابٌ يفسده‏.‏ ثم يشتقّ منه امرأةٌ خَلْبَنٌ، وهي *الحَمْقَاء‏.‏ وليست من الخِلابة‏.‏ ويقال للمهزولة خَلْبَنٌ أيضاً‏.‏

فأمَّا الثوب المخلَّب فيقولون‏:‏ إنّه الكثيرُ الألوان، وليس كذلك، إنَّما المُخَلَّبُ الذي نُقِش نقوشاً على صورِ مَخَالِيبَ، كما يقال مُرَجَّلٌ للذي عليه صُوَرُ الرِّجال‏.‏

‏(‏خلج‏)‏

الخاء واللام والجيم أصلٌ واحد يدلُّ على لَيٍّ وفَتْلٍ وقِلّةِ استقامة‏.‏ فمن ذلك الخليجُ، وهو ماء يَمِيل مَيْلَةً عن مُعْظَم الماءِ فيستقرُّ‏.‏ وخليجا النَّهر أو البحر‏:‏ جناحاه‏.‏ وفلان يتخلَّج في مِشيته، إذا كان يتمايَلُ‏.‏ ومن ذلك قولهم‏:‏ خَلَجنِي عن الأمر، أي شَغَلني، لأنَّه إذا شغله عنه فقد مال به عنه‏.‏ والمخلوجة‏:‏ الطَّعنة التي ليست بمستوِية، في قول امرئ القيس‏:‏

نَطْعُنُهُم سُلْكَى ومخلوجةً *** كَرَّكَ لأْمَيْنِ على نابِل

فالسُّلْكَى‏:‏ المستوية‏.‏ والمخلوجة‏:‏ المنحرفة المائلة‏.‏

ومنه قولهم‏:‏ خَلَجْتُ الشّيءَ من يده، أي نزعتُه‏.‏ وخالَجْت فُلاناً‏:‏ نازعتُه‏.‏ وفي الحديثِ في قراءة القرآن‏:‏ ‏"‏لَعَلَّ بَعضَكُم خالجنِيها‏"‏‏.‏ والخليج‏:‏ الرَّسَن، سُمِّي بذلك لأنّه يُلوَى لَيّاً ويُفْتَل فَتْلاً‏.‏ قال‏:‏

وباتَ يُغَنِّي في الخليجِ كأنَّه *** كُمَيْتٌ مُدَمَّىً ناصعُ اللَّونِ أَقْرَحُ

ويقال خلجَتْه الخوالجُ، كما يقال عَدَتْه العَوادِي‏.‏ وأما قولُ الحطيئة‏:‏

* بمخلُوجةٍ فيها عن العَجْزِ مَصْرَِفُ *

فإنّه يصِفُ الرَّأي، وشبَّهَه بالحبل المحكَم المفتول‏.‏ فهذا إذاً تشبيهٌ‏.‏ ويجوز أن يكون لمَّا قيل‏:‏ فيها عن العَجز مصرفٌ، جعلَها مخلوجة، لأنّه قد عُدِل بها عن العَجز‏.‏

فأمّا قولهم‏:‏ خُلِجَتِ النَّاقةُ، وذلك إذا فطَمتْ ولدها فقَلَّ لبنُها، فهو من الباب، لأنّه عُدِلَ بها عن ولدها وعدَل ولَدُها عنها‏.‏ ويقال سحابٌ مخلوجٌ‏:‏ متفرِّق‏.‏ فإن كان صحيحاً فهو من الباب، لأنّ قِطعةً منه تميل عن الأُخرى‏.‏ والخَلَجُ‏:‏ فسادٌ وداءٌ‏.‏ وهو من الباب‏.‏

‏(‏خلد‏)‏

الخاء واللام والدال أصلٌ واحدٌ يدلُّ على الثبات والملازمَة، فيقال‏:‏ خَلَدَ‏:‏ أقام، وأخلَدَ أيضاً‏.‏ ومنه جَنَّةُ الخُلْدِ‏.‏ قال ابن أحمر‏:‏

خَلَدَ الحبيبُ وبادَ حاضِرُهُ *** إلاَّ مَنازِلَ كلُّها قَفْرُ

ويقولون رجلٌ مُخْلَدٌ ومُخْلِد، إذا أبطأ عنه المشِيب‏.‏ وهو من الباب، لأنَّ الشَّباب قد لازمَه ولازَمَ هو الشباب‏.‏ ويقال أخْلَدَ إلى الأرض إذا لَصِق بها‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وَلَكِنَّهُ أخْلَدَ إلَى الأَرْضِ‏}‏ ‏[‏الأعراف 176‏]‏‏.‏ فأما قوله تعالى‏:‏ ‏{‏وَيَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدَانٌ مُخَلّدُونَ‏}‏ ‏[‏الإنسان 19‏]‏، ‏[‏فهو‏]‏ من الخُلْد، وهو البقاء، أي لا يموتون‏.‏ وقال آخرون‏:‏ من الخِلَد، والخِلَدُ‏:‏ جمع خِلَدة وهي القُرْط‏.‏ فقوله‏:‏ ‏{‏مُخَلّدُونَ‏}‏ أي مقرَّطون مشنَّفون‏.‏ قال‏:‏

ومخَلّدَاتٌٍ باللُّجَينِ كأنَّما *** أعجازُهُنَّ أَقاوِزُ الكُثْبَان

وهذا قياسٌ صحيح، لأنّ الخِلَدةَ ملازمةٌ للأُذُن‏.‏

والخَلَد‏:‏ البال، وسمِّي بذلك لأنّه مستقرٌّ ‏[‏في‏]‏ القلب ثابتٌ‏.‏

‏(‏خلس‏)‏

الخاء واللام والسين أصلٌ واحد، وهو الاختطاف والالتماع‏.‏ يقال اختلَسْتُ الشَّيءَ‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏لا قَطْعَ في الخُلْسَة‏"‏‏.‏ وقولهم‏:‏ أَخْلَسَ رأسُه، إذا خالَطَ سوادَه البياضُ، كأنَّ السوادَ اخْتُلِس منه فصارَ لُمَعاً‏.‏ وكذلك أخْلَسَ النّبتُ، إذا اختلط يابسُه برطْبِه‏.‏

‏(‏خلص‏)‏

الخاء واللام والصاد أصل واحد مطَّرِد، وهو تنقيةُ الشَّيء وتهذيبُه‏.‏ يقولون‏:‏ خلَّصتُه من كذا وخَلَصَ هو‏.‏ وخُلاصة السَّمْنِ‏:‏ ما أُلقِيَ فيه من تَمْرٍ أو سَويق ليخلُصَ به‏.‏

‏(‏خلط‏)‏

الخاء واللام والطاء أصلٌ واحد مخالفٌ للباب الذي قَبلَه، بل هو مُضَادٌّ لـه‏.‏ تقول‏:‏ خلَطْت الشَّيءَ بغيره فاختلط‏.‏ ورجل مِخْلَطٌ، أي حَسَن المداخَلة للأمورِ‏.‏ وخِلافُه المِزْيل‏.‏ قال أوس‏:‏

وإن قالَ لي ماذا تَرَى يستشيرُني *** يَجدُني ابنُ عَمِّي مِخْلَطَ الأمر مِزْيَلاَ

والخليط‏:‏ المجاوِر‏.‏ ويقال‏:‏ الخِلْط السّهمُ ينبُتُ عودُه على عِوَجٍ، فلا يزالُ يتعوّجُ وإن قُوِّم‏.‏ وهذا من الباب؛ لأنّه ليس يُخَالَط في الاستقامة‏.‏ ويقال استَخْلَط *البعيرُ، وذلك أن يَعْيا بالقَعْو على النّاقة ولا يَهتدِي لذلك، فيُخْلَطَ له ويُلْطَف له‏.‏

‏(‏خلع‏)‏

الخاء واللام والعين أصلٌ واحد مطرّد، وهو مُزايَلة الشَّيء الذي كان يُشتَمَل به أو عليه‏.‏ تقول‏:‏ خلعتُ الثّوبَ أخْلَعُهُ خَلْعاً، وخُلِع الوالي يُخْلَعُ خَلْعاً‏.‏ وهذا لا يكادُ يقال إلاّ في الدُّون يُنْزِل مَن هو أعلى منه، وإلاّ فليس يُقال خَلَع الأميرُ واليَه على بلدِ كذا‏.‏ ألاَ ترى أنّه إنما يقال عزَله‏.‏ ويقال طلَّقَ الرَّجُل امرأته‏.‏ فإن كان ذلك من قبَل المرأة يقال خالعَتْه وقد اختَلَعَتْ؛ لأنّها تَفتدِي نفسَها منه بشيءٍ تبذلُه لـه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏المختلِعات هنَّ المنافقات‏"‏ يعني اللواتي يخالِعْن أزواجهنَّ من غير أنْ يضارَّهُنّ الأزواج‏.‏ والخالِع‏:‏ البُسر النَّضِيج، لأنَّه يَخْلَع قِشرَهُ من رُطوبته‏.‏ كما يقال فَسَقَتِ الرُّطَبَة، إذا خرجَتْ مِن قشرها‏.‏

ومن الباب خَلَعَ السُّنْبُلُ، إذا صار له سَفاً، كأنَّه خلعَه فأخرجَه‏.‏ والخليع‏:‏ الذي خَلَعه أهلُه، فإِن جَنَى لم يُطْلَبُوا بجِنايته، وإنْ جُنِيَ عليه لم يَطْلُبوا به‏.‏ وهو قوله‏:‏

ووادٍ كجوف العَيْرِ قفرٍ قطعتُه *** به الذّئبُ يعوِي كالخليع المُعيَّلِ

والخليع‏:‏ الذِّئبُ، وقد خُلِع أيّ خَلْعٍ‏!‏ ويقال الخليع الصائد‏.‏ ويقال‏:‏ فلانٌ يتخلَّعُ في مِشيتِه، أي يهتزُّ، كأنَّ أعضاءَه تريد أن تتخلَّع‏.‏ والخالع‏:‏ داءٌ يُصِيب البعير‏.‏ يقال به خالعٌ، وهو الذي إذا بَرَك لم يقدِرْ على أن يثُور‏.‏ وذلك أنَّه كأنَّه تخلَّعت أعضاؤُه حتَّى سقطت بالأرض‏.‏ والخَوْلَع‏.‏ فَزَعٌ يعترِي الفُؤادَ كالمسِّ؛ وهو قياسُ الباب، كأنَّ الفؤادَ قد خُلِع‏.‏ ويقال قد تخالَعَ القومُ، إذا نَقَضُوا ما كان بَينهم من حِلْف‏.‏

‏(‏خلف‏)‏

الخاء واللام والفاء أصولٌ ثلاثة‏:‏ أحدُها أن يجيءَ شيءٌ بعدَ شيءٍ يقومُ مقامَه، والثاني خِلاف قُدَّام، والثالث التغيُّر‏.‏

فالأوّل الخَلَف‏.‏ والخَلَف‏:‏ ما جاء بعدُ‏.‏ ويقولون‏:‏ هو خَلَفُ صِدْقٍ من أبيه‏.‏ وخَلَف سَوْءٍ من أبيه‏.‏ فإذا لم يذكُروا صِدقاً ولا سَوْءاً قالوا للجيِّد خَلَف وللرديِّ خَلْف‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ‏}‏ ‏[‏الأعراف 169، مريم 59‏]‏‏.‏ والخِلِّيفَى‏:‏ الخِلافة، وإنَّما سُميِّت خلافةً لأنَّ الثَّاني يَجيءُ بَعد الأوّلِ قائماً مقامَه‏.‏ وتقول‏:‏ قعدتُ خِلافَ فُلانٍ، أي بَعْده‏.‏ والخوالفُ في قوله تعالى‏:‏ ‏{‏رَضُوا بِأَنْ يَكُونُوا مَعَ الخَوَالِفِ‏}‏ ‏[‏التوبة 87، 93‏]‏ هنَّ النِّساء، لأنَّ الرِّجال يغِيبُون في حُروبهم ومغاوراتِهِمْ وتجاراتِهم وهنّ يخلُفْنهم في البيوت والمنازل‏.‏ ولذلك يقال‏:‏ الحيُّ خُلُوفٌ، إذا كان الرِّجال غُيَّباً والنِّساء مُقيماتٍ‏.‏ ويقولون في الدعاء‏:‏ ‏"‏خَلَف اللهُ عليك‏"‏ أي كانَ الله تعالى الخليفة عليك لمن فَقَدْتَ مِن أبٍ أو حميم‏.‏ و‏"‏أَخْلَف الله لك‏"‏ أي عوَّضك من الشيء الذاهب ما يكُونُ يقومُ بَعده ويخلُفه‏.‏ والخِلْفة‏:‏ نبتٌ ينبت بعد الهشيم‏.‏ وخِلْفَةُ الشجرِ‏:‏ ثمرٌ يخرُج بَعد الثَّمر‏.‏ قال‏:‏

ولها بِالماطِرُونَ إذا *** أكَلَ النّملُ الذي جَمَعَا

خِلْفَةٌ حتَّى إذا ارتَبَعَتْ *** سَكَنَتْ من جِلَّق بِيَعَا

وقال زهيرٌ فيما يصحّح جميعَ ما ذكرناه‏:‏

بها العِينُ والآرامُ يَمشِينَ خِلْفَةً *** وأطلاؤُها يَنْهَضْنَ من كلِّ مَجْثَم

يقول‏:‏ إذا مرَّتْ هذه خَلفَتْها هذه‏.‏

ومن الباب الخَلْف، وهو الاستِقاء، لأنَّ المستقِيَينِ يتخالفانِ، هذا بَعْدَ ذا، وذاك بعد هذا‏.‏ قال في الخَلْف‏:‏

لِزُغْبٍ كأولاد القَطا راثَ خَلْفُها *** على عاجِزَاتِ النَّهضِ حُمْرٍ حواصلُه

يقال‏:‏ أخْلَفَ، إذا استَقَى‏.‏

والأصل الآخر خَلْفٌ، وهو غير قَدّام‏.‏ يقال‏:‏ هذا خلفي، وهذا قدّامي‏.‏ وهذا مشهورٌ‏.‏ وقال لبيد‏:‏

فَغَدَتْ كِلاَ الفَرْجَينِ تَحْسَِبُ أنّه *** مَولَى المخافةِ خَلْفُها وأَمامُها

ومن الباب الخِلْف، الواحد من أخلاف الضَّرع‏.‏ وسمِّي بذلك لأنّه يكون خَلْفَ ما بعده‏.‏

وأمّا الثالث *فقولهم خَلَف فُوه، إذا تغيَّرَ، وأخْلَفَ‏.‏ وهو قولُه صلى الله عليه وآله وسلم‏:‏ ‏"‏لَخُلُوفُ فم الصائم أطيَبُ عند الله من ريح المِسْك‏"‏‏.‏ ومنه قول ابن أحمر‏:‏

بانَ الشَّبابُ وأخْلفَ العُمْرُ *** وتنكَّرَ الإخوانُ والدَّهرُ

ومنه الخِلاف في الوَعْد‏.‏ وخَلَفَ الرَّجُلُ عن خُلق أبيه‏:‏ تغيَّر‏.‏ ويقال الخليف‏:‏ الثَّوب يَبلَى وسطُه فيُخرَج البالي منه ثم يُلْفَق، فيقال خَلَفْتُ الثَّوبَ أخْلُفُه‏.‏ وهذا قياسٌ في هذا وفي الباب الأوّل‏.‏

ويقال وعَدَني فأخلفْتُه، أي وجدته قد أخلفَني‏.‏ قال الأعشى‏:‏

أَثْوَى وقَصَّرَ لَيْلَهُ ليُزَوّدا *** فَمَضَى وأخلَفَ من قُتَيْلَةَ موعِدا

فأمّا قولُه‏:‏

* دَلْوايَ خِلْفانِ وساقياهما *

فمن أنَّ هذِي تخلُف هَذِي‏.‏ وأمّا قولهم‏:‏ اختلفَ النَّاسُ في كذا، والناس خلْفَةٌ أي مختلِفون، فمن الباب الأوّل؛ لأنَّ كلَّ واحدٍ منهم يُنَحِّي قولَ صاحبه، ويُقيم نفسَه مُقام الذي نَحّاه‏.‏ وأمّا قولهم للناقة الحامل خَلِفَةٌ فيجوز أن يكون شاذّاً عن الأصل، ويجوز أن يُلْطَف له فيقالَ إنّها تأتي بولدٍ، والولدُ خَلَفٌ‏.‏ وهو بعيد‏.‏ وجمع الخَلِفة المخَاض، وهُنَّ الحوامل‏.‏

ومن الشاذِّ عن الأصول الثلاثة‏:‏ الخَلِيفُ، وهو الطّريقُ بين الجبلَين‏.‏ فأمّا الخالفة من عَُمَُد البيت، فلعلَّه أن يكون في مؤخّر البيت، فهو من باب الخَلْف والقُدّام‏.‏ ولذلك يقولون‏:‏ فلانٌ خالِفَةُ أهلِ بيته، إذا كان غير مقدَّمٍ فيهم‏.‏

ومن باب التغيُّر والفسادِ البَعيرُ الأخلَفُ، وهو الذي يمشِي في شِقٍّ، من داءٍ يعتريه‏.‏

‏(‏خلق‏)‏

الخاء واللام والقاف أصلان‏:‏ أحدهما تقدير الشيء، والآخر مَلاسَة الشيء‏.‏

فأمّا الأوّل فقولهم‏:‏ خَلَقْت الأديم للسِّقاء، إذا قَدَّرْتَه‏.‏ قال‏:‏

لم يَحْشِمِ الخالقاتِ فَرْيَتُها *** ولم يَغِضْ من نِطافِها السَّرَبُ

وقال زهير‏:‏

ولأَنْت تَفْرِي ما خلَقْت وبَعـ *** ـضُ القَوم يخلُق ثمَّ لا يَفْرِي

ومن ذلك الخُلُق، وهي السجيَّة، لأنّ صاحبَه قد قُدِّر عليه‏.‏ وفلانٌ خَليق بكذا، وأَخْلِقْ به، أي ما أخْلَقَهُ، أي هو ممَّن يقدَّر فيه ذلك‏.‏ والخَلاقُ‏:‏ النَّصيب؛ لأنّه قد قُدِّرَ لكلِّ أحدٍ نصيبُه‏.‏

ومن الباب رجلٌ مُخْتَلَقٌ‏:‏ تامُّ الخَلْق‏.‏ والخَلْق‏:‏ خَلْق الكذِب، وهو اختلاقُه واختراعُه وتقديرُه في النَّفس‏.‏ قال الله تعالى‏:‏ ‏{‏وتَخْلُقُونَ إفْكاً‏}‏ ‏[‏العنكبوت 17‏]‏‏.‏

وأمّا الأصل الثاني فصخرة خَلْقَاء، أي مَلْساء‏.‏ وقال‏:‏

قد يَتْرُكُ الدَّهرُ في خَلْقَاءَ راسِيَةٍ *** وَهْياً ويُنزِل منها الأعْصَمَ الصَّدعا

ويقال اخلَوْلَقَ السَّحابُ‏:‏ استَوَى‏.‏ ورسمٌ مخْلَولِقٌ، إذا استوى بالأرض‏.‏ والمُخلَّق‏:‏ السّهم المُصْلَح‏.‏

ومن هذا الباب أخْلَقَ الشَّيءُ وخَلُِق، إذا بَلِيَ‏.‏ وأخلقْتُهُ أنا‏:‏ أبليتُه‏.‏ وذلك أنَّه إذا أخْلَقَ امْلاسَّ وذهب زِئْبِرُه‏.‏ ويقال المُخْتَلَق من كلِّ شيء‏:‏ ما اعتدَلَ‏.‏ قال رُؤبة‏:‏

* في غِيل قَصْبَاءَ وخِيسٍ مُخْتَلَقْ *

والخَلُوق معروفٌ، وهو الخِلاَق أيضاً‏.‏ وذلك أنّ الشيء إذا خُلِّق مَلُسَ‏.‏ ويقال ثوبٌ خَلَقٌ ومِلحَفَةٌ خَلَق، يستوي فيه المذكَّر والمؤنث‏.‏ وإنما قيل للسَّهم المُصلَح مُخَلَّقٌ لأنّه يصير أملس‏.‏ وأمّا الخُلَيْقاءُ في الفَرَس كالعِرنين من الإنسان‏.‏

 

‏(‏باب الخاء والميم وما يثلثهما في الثلاثي‏)‏

‏(‏خمج‏)‏

الخاء والميم والجيم يدلُّ على فتورٍ وتغيُّر‏.‏ فالخَمَج في الإنسان‏:‏ الفتور‏.‏ يقال أصبَحَ فلانٌ خَمِجاً، أي فاتِراً‏.‏ وهو في شعر الهُذَليّ‏:‏

* أخْشَى دُونَه الخَمَجَا *

ويقولون خَمِجَ اللّحمُ، إذا تغيَّر وأرْوَحَ‏.‏

‏(‏خمد‏)‏

الخاء والميم والدال أصلٌ واحد، يدلُّ على سكونِ الحركة والسُّقوط‏.‏ خَمَدَتِ النارُ خُموداً، إذا سكَنَ لَهبُها‏.‏ وخَمَدَت الحُمَّى إذا سكَنَ وهَجُها‏.‏ ويقال للمُغْمَى عليه‏:‏ خَمَدَ‏.‏

‏(‏خمر‏)‏

الخاء والميم والراء أصلٌ واحد يدلُّ على التغطية، والمخالطةِ في سَتْر‏.‏ فالخَمْرُ‏:‏ الشَّراب المعروف‏.‏ قال *الخليل‏:‏ الخمر معروفةٌ؛ واختمارُها‏:‏ إدراكُها وغَليانُها‏.‏ ومخمِّرها‏:‏ متَّخِذها‏.‏ وخُمْرتها‏:‏ ما غَشِيَ المخمورَ من الخُمار والسُّكْر في قَلْبه‏.‏ قال‏:‏

لَذٌّ أصابَتْ حُمَيَّاها مَقَاتِلَهُ *** فلم تكَدْ تَنْجَلِي عن قَلْبِه الخُمَرُ

ويقال به خُمارٌ شَديد‏.‏ ويقولون‏:‏ دَخَلَ في خَُمار الناسِ وخَمَرِهم، أي زحْمتهم‏.‏ و‏"‏فلانٌ يَدِبُّ لفُلانٍ الخَمَر‏"‏، وذلك كناية عن الاغتيال‏.‏ وأصلُه ما وارَى الإنسان من شجرٍ‏.‏ قال أبو ذؤيب‏:‏

فليتَهُمُ حَذِرُوا جَيشَهُم *** عَشِيَّةَ همْ مثلُ طَيْرِ الخَمَرْ

أَي يُختلون ويُستَتَر لهم‏.‏ والخِمار‏:‏ خِمار المرأة‏.‏ وامرأةٌ حسنَة الخِمْرَة، أي لُبْس الخِمار‏.‏ وفي المثل‏:‏ ‏"‏العَوَانُ لا تُعَلَّم الخِمْرة‏"‏‏.‏ والتخمير‏:‏ التغطية‏.‏ ويقال في القوم إذا توارَوْا في خَمَرِ الشَّجر‏:‏ قد أخْمَرُوا‏.‏ فأمّا قولهم‏:‏ ‏"‏ما عِندَ فُلانٍ خَلٌّ ولا خَمْرٌ‏"‏ فهو يجري مَجرى المثل، كأنّهم أرادوا‏:‏ ليس عِنده خيرٌ ولا شَرّ‏.‏ قال أبو زيد‏:‏ خامَرَ الرّجُل المكانَ، إذا لزِمه فلم يَبْرح‏.‏ فأمَّا المخمّرة من الشاءِ فهي التي يبيضُّ رأسها مِن بين جسدِها‏.‏ وهو قياسُ الباب؛ لأنَّ ذلك البياضَ الذي برأسها مشبّهٌ بخِمار المرأة‏.‏ ويقال خمَّرتُ العجينَ، وهو أنْ تتركَه فلا تستعملَه حتَّى يَجُود‏.‏ ويقال خَامَرَهُ الدّاء، إذا خالط جوفَه‏.‏ وقال كثيِّرٌ‏:‏

هَنيئاً مَريئاً غَيْرَ داءٍ مُخَامِرٍ *** لِعَزَّةَ من أعراضِنا ما اسْتَحَلَّتِ

قال الخليل‏:‏ والمستَخْمَر بلغة حِمْيَر‏:‏ الشَّرِيك‏.‏ ويقال دخَلَ في الخَمَر، وهي وَهْدَةٌ يختفي فيها الذِّئبُ ونحوهُ‏.‏ قال‏:‏

ألا يا زَيدُ والضَّحاكَُ سَيْراً *** فقد جاوزْتُما خَمَرَ الطَريقِ

ويقال اختَمَرَ الطِّيبُ، واخْتَمَرَ العَجين‏.‏ ووجدت منه خُمْرَةً طيِّبة وخَمَرَةً، وهو الرّائحة‏.‏ والمخامَرة‏:‏ المقارَبة‏.‏ وفي المثل‏:‏ ‏"‏خامِرِي أُمَّ عامِرِ‏"‏، وهي الضَّبع‏.‏ وقال الشَّنْفَرى‏:‏

فلا تدفِنُوني إنَّ دفْنِي مُحَرَّمٌ *** عليكُمْ ولكن خَامِرِي أمَّ عامرِ

أي اترُكُوني لِلَّتِي يقال لها‏:‏ ‏"‏خامِرِي أُمَّ عامر‏"‏‏.‏ والخُمْرة‏:‏ شيءٌ من الطِّيب تَطَّلِي به المرأةُ على وجهها ليحسُن به لونُها‏.‏ والخُمْرة‏:‏ السّجَّادة الصَّغيرة‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏أنه كان يسجدُ على الخُمْرة‏"‏‏.‏

ومما شذَّ عن هذا الأصل الاستخمار، وهو الاستعباد؛ يقال استخمرت فلاناً، إذا استعبدتَه‏.‏ وهو في حديث مُعاذ‏:‏ ‏"‏من استَخْمَر قوماً‏"‏، أي استعبَدَهم‏.‏

‏(‏خمس‏)‏

الخاء والميم والسين أصلٌ واحد، وهو في العدد‏.‏ فالخمسة معروفة‏.‏ والخمس‏:‏ واحدٌ من خَمْسَةٍ‏.‏ يقال خَمَسْتُ القومَ‏:‏ أخذْتُ خمس أموالِهم، أخْمُسُهم‏.‏ وخَمَسْتُهم‏:‏ كنتُ لهم خامساً، أخْمِسُهُم‏.‏ والخِمْس‏:‏ ظِمْءٌ من أظماء الإبل‏.‏ قال الخليل‏:‏ هو شُرْب الإِبلِ اليومَ الرابعَ من يَومَ صَدَرَتْ؛ لأنهم يَحسُبون يومَ الصَّدَر‏.‏ والخميس‏:‏ اليوم الخامسُ من الأسبوع، وجمعُه أَخمِساءُ وأخمِسَةٌ، كقولك نصيبٌ وأنصِباءُ ‏[‏وأنصِبة‏]‏‏.‏ والخُماسِيُّ والخُماسيّة‏:‏ الوَصيف والوصيفةُ طولُه خمسةُ أشبار‏.‏ ولا يقال سُدَاسِيٌّ ولا سُباعيٌّ إذا بلغ ستّةَ أشبارٍ أو سبعةً‏.‏ وفي غير ذلك الخُماسيُّ ما بلغ خَمسةً، وكذلك السداسيُّ والعُشاريّ‏.‏ والخَميس والمخمُوس من الثِّياب‏:‏ الذي طولُه خَمسُ أذرُع‏.‏ وقال عَبِيد‏:‏

هاتيك تحمِلُني وأبْيضَ صارماً *** ومُذَرَّباً في مارِنٍ مَخْموسِ

يريد رُمْحاً طولُه خمسُ أذرع‏.‏

وقال مُعاذٌ لأهل اليمن‏:‏ ‏"‏ايتوني بخَميسٍ أو لَبِيسٍ آخُذُه منكم في الصَّدَقة‏"‏‏.‏ وقد قيل إنّ الثوبَ الخميسَ سمِّي بذلك لأنّ أوّلَ من عمِله مَلِكٌ باليمن كان يقال له الخِمْس‏.‏ قال الأعشى‏:‏

يَوْماً تَراها كمثل أردية الـ *** ـخِمْسِ ويَوْماً أديمَها نَغِلا

ومما شذَّ عن الباب الخَمِيس، وهو الجَيْش الكثير‏.‏ ومن ذلك الحديثُ‏:‏ ‏"‏أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، لما أشْرَفَ على خَيْبر قالوا‏:‏ محمدٌ والخَمِيس‏"‏، يريدون الْجَيْش‏.‏

‏(‏خمش‏)‏

الخاء والميم والشين أصلٌ *واحد، وهو الخَدْشُ وما قارَبَه‏.‏

يقال خَمَشْتُ خَمْشاً‏.‏ والخُمُوش‏:‏ جمع خَمْشٍ‏.‏ قال‏:‏

هاشمٌ جَدُّنا فإِن كُنْتِ غَضْبى *** فامْلَئِي وجهَكِ الجميلَ خُمُوشا

وَالخموش‏:‏ البعوض‏.‏ قال‏:‏

كأنَّ وَغَى الخَمُوش بجانبيهِ *** وَغَى رَكْبٍ أُمَيْمَُ ذَوِي زِياطِ

والخُمَاشَة من الجِراحة والجمع خُماشاتٌ‏:‏ ما كان منها ليس له أرْشٌ معلوم‏.‏ وهو قياس الباب، كأنَّ ذلك يكونُ كالخَدْشِ‏.‏

‏(‏خمص‏)‏

الخاء والميم والصاد أصلٌ واحد يدلُّ على الضُّمْر والتّطامُن‏.‏ فالخميص‏:‏ الضّامر البَطْن؛ والمصدر الخَمَْص‏.‏ وامرأةٌ خُمْصانةٌ‏:‏ دقيقة الخَصْرِ‏.‏ ويقال لباطن القَدَم الأخْمَص‏.‏ وهو قياسُ الباب، لأنّه قد تداخَل‏.‏ ومن الباب المَخْمَصة، وهي المجاعة؛ لأنَّ الجائِع ضامرُ البطْن‏.‏ ويقال للجائع الخميص، وامرأةٌ خميصة قال الأعشى‏:‏

تَبِيتون في المَشْتَى مِلاءً بطونُكُمْ *** وجاراتُكم غَرْثى يَبِتْن خمائصا

فأمّا الخَمِيصة فالكِساء الأسودُ‏.‏ وبها شَبَّه الأعشى شَعْرَ المرأة‏:‏

إذا جُرِّدَتْ يوماً حَسِبْتَ خَميصةً *** عليها وجرْيالَ النَّضيرِ الدُّلامِصا

فإنْ قيل‏:‏ فأينَ قِياسُ هذا من الباب‏؟‏ فالجواب أنّا نقول على حَدِّ الإمكان والاحتمال‏:‏ إنّه يجوز أن يسمَّى خميصةً لأنّ الإنسانَ يشتمِل بها فيكون عند أخْمَصِهِ، يريد به وسطَه‏.‏ فإن كان ذلك صحيحاً وإلاَّ عُدَّ فيما شذَّ عن الأصل‏.‏

‏(‏خمط‏)‏

الخاء والميم والطاء أصلان‏:‏ أحدهما الانجراد والمَلاسَة، والآخَر التسلُّط والصِّيَال‏.‏

فأمّا الأوّل فقولهم‏:‏ خَمَطْتُ الشّاةَ، وذلك ‏[‏إذا‏]‏ نزعْتَ جلدَها وشويتَها‏.‏ فإن نُزِع الشّعر فذلك السَّمْط‏.‏ وأصل ذلك من الخَمْط، وهو كلُّ شيءٍ لا شَوكَ له‏.‏

والأصل الثاني‏:‏ قولُهم تخمَّطَ الفَحلُ، إذا هاج وهَدَرَ‏.‏ وأصلُه مِن تخمّط البحرُ، وذلك خِبُّه والتطامُ أمواجِه‏.‏

‏(‏خمع‏)‏

الخاء والميم والعين أصلٌ واحد يدلُّ على قلّة الاستقامة، ‏[‏و‏]‏ على الاعوجاج‏.‏ فمن ذلك خَمَعَ الأعرجُ‏.‏ ويقال للضِّباع الخوامع؛ لأنّهنّ عُرْجٌ‏.‏ والخِمعْ‏:‏ اللِّص‏.‏ والخِمع‏:‏ الذِّئب‏.‏ والقياسُ واحدٌ‏.‏

‏(‏خمل‏)‏

الخاء والميم واللام أصلٌ واحد يدل على انخفاضٍ واسترسالٍ وسُقوطٍ‏.‏ يقال خَمَلَ ذكرُه يخمُل خُمولا‏.‏ والخامل‏:‏ الخفيّ؛ يُقال‏:‏ هو خامِل الذِّكر؛ والأمرُ الذي لا يعرَف ولا يُذكَر‏.‏ والقول الخامل‏:‏ الخَفِيض‏.‏ وفي حديثٍ‏:‏ ‏"‏اذكُروا الله ذِكراً خاملا‏"‏‏.‏ والخَميلة‏:‏ مَفْرَجٌ من الرَّمْل في هَبْطةٍ، مَكْرَمَةٌ للنَّبات‏.‏ قال زُهير‏:‏

* شَقائِقَ رمْلٍ بينهنَّ خَمائلُ *

وقال لبيد‏:‏

باتَتْ وأسْبَلَ واكِفٌ من دِيمَةٍ *** يُروي الخَمائِلَ دائماً تَسجامُها

والخَمْل، مجزوم‏:‏ خَمْل القطيفة والطِّنْفِسة‏.‏ ويقال لريش النَّعام خَمْل‏.‏ وذلك قياسُ الباب؛ لأنّه يكون مسترسِلا ساقطاً في لينٍ‏.‏

فأمّا الخُمال فقال قوم‏:‏ هو ظَلْعٌ يكون في قوائم البعير‏.‏ فإن كان كذا فقياسُه قياسُ الباب؛ لأنّه لعَلَّه عن استرخاء‏.‏ وقال الأعشى في الخُمال‏:‏

لم تُعَطَّفْ على حُِوارٍ ولم يَقْـ *** ـطَعْ عُبيدٌ عروقَها مِن خُمالِ

 

‏(‏باب الخاء والنون وما يثلثهما‏)‏

‏(‏خنب‏)‏

الخاء والنون والباء أصلٌ واحد، وهو يدلُّ على لِينٍ ورَخاوةٍ‏.‏ ويقال جاريةٌ خَنِبةٌ‏:‏ رخِيمَةٌ غَنِجة‏.‏ ورجل خِنّاب، أي ضَخْمٌ في عَبَالَةٍ‏.‏ وحكى بعضُهم عن الخليل أنّه قال‏:‏ هو خِنَّأْبٌ مكسور الخاء شديدةُ النّون مهموزة‏.‏ وهذا إنْ صح عن الخليل فالخليلُ ثقةٌ، وإلا فهو على ما ذكرناه من غير همز‏.‏ ويقال الخِنَّاب من الرجال‏:‏ الأحمق المتصرِّف، يختلج هكذا مرَّةً وهكذا مَرَّةً‏.‏ وقال الخليل‏:‏ الخنَّاب الضَّخم المَنْخَر‏.‏ والخِنَّابَة‏:‏ الأرنبةُ الضخمة‏.‏ وقال‏:‏

أَكوِي ذَوِي* الأضغانِ كَيّاً مُنْضِجا *** منهمْ وذَا الخِنَّابةِ العَفَنْجَجَا

ومما لم يذكره الخليلُ، وهو قياسٌ صحيح، قولهم خَنَبَتْ رِجْلُه، أي وَهَنَتْ، وأَخْنَبْتُها أنا أوهنْتُها‏.‏ قال‏:‏

أبِي الذي أخْنَبَ رِجْلَ ابن الصَّعِقْ *** إذْ صارت الخيلُ كعِلْبَاءِ العُنُقْ

‏(‏خنا‏)‏

الخاء والنون وما بعدها معتلٌّ، يدلُّ على فَسادٍ وهَلاك‏.‏ يقال لآفات الدهر خَنىً‏.‏ قال لبيد‏:‏

* وقَدَرْنا إنْ خَنَى الدَّهْرِ غَفَلْ *

وأخنَى عليه الدّهر‏:‏ أهلكَه‏.‏ قال‏:‏

* أخنَى عليها الذي أخْنَى على لُبَدِ *

والخَنَا من الكلام‏:‏ أفحشُه‏.‏ يقال خنا يخنو خَناً، مقصور‏.‏ ويقال أخْنَى فلانٌ في كلامِه‏.‏

‏(‏خنث‏)‏

الخاء والنون والثاء أصلٌ واحد يدلُّ على تكسُّرٍ وتثَنٍّ‏.‏ فالخَنِث‏:‏ المسترخِي المتكسِّر‏.‏ ويقال خَنَثْتُ السِّقاءَ، إذا كسَرْتَ فمه إلى خارج فشرِبْتَ منه‏.‏ فإن كسَرْتها إلى داخل فقد قَبَعْتَه‏.‏ وامرأةٌ خُنُثٌ‏:‏ مُتَثَنِّيةٌ‏.‏

‏(‏خنز‏)‏

الخاء والنون والزاء كلمةٌ واحدةٌ من باب المقلوب، ليست أصلاً‏.‏ يقال خَنِزَ اللحم خَنَزاً، إذا تغيَّرَتْ رائحتُه وخَزِن‏.‏ وقد مَضَى‏.‏

‏(‏خنس‏)‏

الخاء والنون والسين أصلٌ واحد يدلُّ على استخفاءٍ وتستُّر‏.‏ قالوا‏:‏ الخَنْس الذهاب في خِفْية‏.‏ يقال خَنسْتُ عنه‏.‏ وأخْنَسْتُ عنه حقَّه‏.‏ والخُنَّس‏:‏ النُّجوم تَخْنِس في المَغيب‏.‏ وقال قوم‏:‏ سُمِّيت بذلك لأنّها تَخفَى نهاراً وتطلُع ليلاً‏.‏ والخنّاس في صِفة الشَّيطان؛ لأنّه يَخْنِسُ إذا ذُكر الله تعالى‏.‏ ومن هذا الباب الخَنَسُ في الأنف‏.‏ انحِطاط القصَبة‏.‏ والبقرُ كلُّها خُنْسٌ‏.‏

‏(‏خنط‏)‏

الخاء والنون والطاء كلمةٌ ليست أصلاً، وهي من باب الإبدال‏.‏ يقال خَنَطَهُ‏:‏ إذا كَرَبَه، مثلُ غَنَطه، وليس بشيء‏.‏

‏(‏خنع‏)‏

الخاء والنون والعين أصلٌ واحد يدلُّ على ذُلٍّ وخضوع وضَعَةٍ، فيقال‏:‏ خضع لـه وخَنَع‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏إنّ أخْنَعَ الأسماء‏"‏ أي أذَلَّها‏.‏ ويقال أخنَعْتني إليه الحاجة، إذا ألجأتْه إليه وأذلّتْه لـه‏.‏ ومن الباب الخانع‏:‏ الفاجر‏.‏ يقال‏:‏ اطَّلَعْتُ منه على خَنْعَةٍ، أي فَجْرة‏.‏ وهو قوله‏:‏

* ولا يُرَوْنَ إلى جاراتِهمْ خُنُعا *

ومنه قول الآخر‏:‏

لَعَلَّكَ يوماً أن تُلاقَى بِخَنْعةٍ *** فَتَنْعَبَ مِن وادٍ عليك أشائمُه

وخُنَاعة‏:‏ قبيلة‏.‏

‏(‏خنف‏)‏

الخاء والنون والفاء أصلٌ واحد يدلُّ على مَيَلٍ ولِين‏.‏ فالخَنُوفُ‏:‏ النّاقةُ الليِّنة اليدينِ في السَّير‏.‏ والمصدر الخِناف‏.‏ قال الأعشى‏:‏

وأذْرَتْ برِجْلَيْها النَّفِيَّ وراجَعَتْ *** يداها خِنافاً ليِّناً غيرَ أجرَدَا

قالوا‏:‏ والخِناف أيضاً في العُنق‏:‏ أن تُمِيلَه إذا مُدّ بزِمامها‏.‏ والخَنيف‏:‏ جنسٌ من الكَتّان أردأ ما يكونُ منه‏.‏ وفي الحديث‏:‏ ‏"‏تَخَرَّقَتْ عَنَّا الخُنُف، وأحرَقَ بطونَنا التَّمر‏"‏‏.‏ وقال‏:‏

عَلى كالخَنِيفِ السَّحْقِ يَدعُو به الصَّدَى *** له قُلُبٌ عُفَّى الحِياضِ أُجُونُ

‏(‏خنق‏)‏

الخاء والنون والقاف أصلٌ واحد يدلُّ على ضيقٍ‏.‏ فالخانق‏:‏ الشِّعْب الضَّيِّق‏.‏ وقال بعضُ أهل العلم‏:‏ إنَّ أهل اليَمن يسمُّون الزُّقاق خانقاً‏.‏ والخَنِق مصدر خَنَقَه يخنِقُه خَنِقاً‏.‏ قال بعض أهل العلم‏:‏ لا يقال خَنْقاً‏.‏ والمِخْنَقَةُ‏:‏ القِلادة‏.‏